التفسير:
تقدم القول في معنى {تبارك} .
والضمير في قوله: ليكون للعالمين نذيرا يجوز أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم، أو للقرآن.
وقوله: وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون : قال مجاهد: قالوا: إن اليهود تعلم محمدا ما جاء به.
ابن عباس: المراد بقوله: قوم آخرون : أبو فكيهة مولى الحضرمي، وعداس، وجبر.
فقد جاءوا ظلما وزورا أي: بكذب وزور.
[ ص: 8 ] وقوله: وقالوا أساطير الأولين اكتتبها : قائل ذلك النضر بن الحارث، وقد تقدم خبره، وكل ما في القرآن أساطير الأولين ; ففيه نزل، قاله ابن عباس، وغيره.
وقوله: وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق : أنكروا كون الرسول آكلا وماشيا في الأسواق، وطلبوا أن يكون ملكا، وقد تقدم ذكر ذلك.
وتقدم معنى إن تتبعون إلا رجلا مسحورا .
وقوله: تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار : قال ابن عباس: خيرا من مشيك في الأسواق، والتماسك المعاش.
مجاهد: أي: خيرا مما قال لك المشركون: هلا أوتيته؟
قال خيثمة: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها، ولم يعط ذلك من قبلك، ولا يعطاه من بعدك، وليس ذلك بناقصك في الآخرة
[ ص: 9 ] شيئا، وإن شئت جمعنا لك ذلك في الآخرة ولا ننقصك، فسأل أن يجمع له في الآخرة، فنزلت الآية.
وقوله: وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا : [قيل: المعنى: إذا رأتهم جهنم من بعيد; سمعوا لها صوت التغيظ عليهم.
وقيل: المعنى: إذا رآهم خزانها; سمعوا لها تغيظا وزفيرا]; حرصا على عذابهم.
وتقدم ذكر {مقرنين} .
وقوله: دعوا هنالك ثبورا أي: هلاكا، وقد تقدم ذكره.
وقوله: قل أذلك خير أم جنة الخلد الآية: قال: أذلك خير ولا خير فيه; على معنى: على علمكم واعتقادكم.
[ ص: 10 ] وقيل: هو مردود على قوله: تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك الآية. وقيل: هو مردود على قوله: أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها .
وقيل: ليس هو من باب [أفعل منك]، وإنما هو كقولك: [عنده خير].
وقيل: إنما قال ذلك; لأن الجنة والنار قد دخلتا في باب المنازل، وحكى سيبويه عن العرب: [آلشقاء أحب إليك أم السعادة؟] والشقاء لا يحبه أحد.
وقوله: كان على ربك وعدا مسئولا : قال محمد بن كعب: هو قول الملائكة: ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم [غافر: 8].
وقيل: المعنى: وعدا واجبا، وحكي عن العرب: [لأعطينك ألفا وعدا مسؤولا]; أي: واجبا.
وقوله: ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل : قال مجاهد، وابن جريج: يعني: الملائكة، والمسيح وعزيرا، فقوله: قالوا سبحانك إلى آخر الآية - على هذا - من قولهم.
وقيل: هو من قول الأصنام، ينطقها الله تعالى يوم القيامة.
وقوله: وكانوا قوما بورا أي: هلكى، و[بور]: يقع للواحد والجمع، قيل:
[ ص: 11 ] هو جمع [بائر]; كـ[هائد، وهود]، والعرب تقول لما فسد وهلك: [قد بار].


