والقول في كذلك سلكناه في قلوب المجرمين : حسب ما تقدم في (الحجر ) ; ومعنى التشبيه: كما ختمنا على قلوب هؤلاء أنهم لا يؤمنون;
[ ص: 70 ] كذلك سلكنا التكذيب في قلوب المجرمين.
وقوله: وما تنزلت به الشياطين يعني: بالقرآن.
وقوله: إنهم عن السمع لمعزولون أي: إنهم عن استماع الوحي لممنوعون.
وقوله: وأنذر عشيرتك الأقربين : قال عروة بن الزبير: لما نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وسلم ) ; قال: " يا صفية عمة رسول الله، ويا فاطمة بنت عبد المطلب، ويا بني عبد المطلب; إني لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم ".
وقوله: فإن عصوك أي: فإن عصاك الأقربون; فقل إني بريء مما تعملون
وقوله: الذي يراك حين تقوم أي: حين تقوم إلى الصلاة.
مجاهد: معنى {تقوم} : أين ما كنت.
وقوله: وتقلبك في الساجدين : قال مجاهد، وقتادة: في المصلين.
ابن عباس: يرى تقلبه في الظهور حتى أخرجه نبيا.
عكرمة: يراك قائما، وراكعا، وساجدا.
وقوله: تنزل على كل أفاك أثيم يعني: تنزل الشياطين التي تسترق السمع على الكهنة.
وقوله: يلقون السمع أي: تلقي الشياطين ما سمعته إلى الكهنة، وقيل:
المعنى: تلقي الكهنة ما تسمعه، وأكثرهم كاذبون .
[ ص: 71 ] وقوله: والشعراء يتبعهم الغاوون : قال ابن عباس: هم الكفار يتبعهم ضلال الإنس والجن، ثم استثنى المؤمنين، إلى قوله: وانتصروا من بعد ما ظلموا ; يعني: ردوا على الكفار الذين كانوا يهجون النبي (صلى الله عليه وسلم ) .
وعنه أيضا: أنها نزلت في اثنين تهاجيا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، أحدهما من الأنصار، فكان مع كل رجل منهما جماعة; وهم الغاوون; أي: السفهاء.
ابن زيد: {الغاوون} و {والشعراء} ههنا: المشركون; لأن الغاوي لا يتبع إلا غاويا مثله.
عكرمة: {الغاوون} : عصاة الجن، وروي نحوه عن مجاهد، وعنه أيضا:
الذين يتبعونهم، ويروون شعرهم، وروي نحوه أيضا عن ابن عباس.
الطبري: {والشعراء} : شعراء المشركين، يتبعهم غواة الناس، ومردة الشياطين، وعصاة الجن.
وقد روى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: هو منسوخ بقوله: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
[ ص: 72 ] ، والصحيح: ما تقدم عنه أنه استثناء.
وقوله: ألم تر أنهم في كل واد يهيمون أي: في كل واد من قول الباطل.
{يهيمون} أي: يمدحون ويذمون بما ليس في الممدوح والمذموم، فهم كالهائم على وجهه.
أبو عبيدة: (الهائم ) : المخالف للقصد.
وأنهم يقولون ما لا يفعلون أي: يكذبون.
والمراد بقوله: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيما روي عن ابن عباس: ابن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك.
وقوله: وذكروا الله كثيرا : قال ابن عباس: في حال كلامهم ومخاطبتهم الناس.
وقال ابن زيد: في شعرهم.
وقيل: لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله عز وجل; إنما هاجوا من كذب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) .


