الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      هدى وبشرى : حالان من (الكتاب ) في قوله: تلك آيات القرآن وكتاب مبين

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 99 ] أو آتيكم بشهاب قبس : من قرأ بتنوين (شهاب ) ; جعل (قبسا ) بدلا منه، أو صفة له، لأن (القبس ) يجوز أن يكون اسما غير صفة، ويجوز أن يكون صفة، فأما كونه صفة، فلأنهم قالوا: (قبسته أقبسه قبسا ) ، و (القبس ) : المقبوس، وإذا كان صفة; فالأحسن أن يكون نعتا، والإضافة فيه إذا كان غير صفة أحسن، وهي إضافة النوع إلى جنسه، كـ (خاتم فضة ) ، وشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      ولو قرئ بنصب {قبس} على البيان، أو الحال; لجاز.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: نودي أن بورك من في النار : يجوز أن تكون {أن} مفسرة، كأنه فسر

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 100 ] النداء ما كان؟ وفي {نودي} ذكر الفاعل، و {بورك} : على الاتساع في حذف الجار، لأنه مما يتعدى بـ (على ) ; فكأنه قال: باركنا على من في النار; أي في قرب النار، على ما تقدم في التفسير، ثم بني للمفعول.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون {أن} المخففة من الثقيلة، وفيها ضمير; لأن {بورك} في معنى الدعاء، وإذا كان في معنى الدعاء، لم تدخل عليه (أن ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون المصدر مضمرا يقوم مقام الفاعل; كأنه قال: نودي النداء.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون {أن} في موضع مفعول ما لم يسم فاعله لـ {نودي} .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في وجه همز {جان} ، و (الجان ) : واحد، ولذلك قوبل به {الإنسان} في قوله: خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار [الرحمن: 14 - 15]، ويجمع على (جنان ) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 101 ] ومن قرأ: {ألا من ظلم} ; فعلى أن {ألا} تنبيه، و {من} : رفع بالابتداء، والخبر: {ظلم} ، وتقدم معنى الاستثناء.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {مبصرة} ; ففيه دلالة على الشياع والكثرة، من جهة المصدرية وتاء التأنيث، وقد كثرت (المفعلة ) في هذا النحو; نحو: (أرض مضبة، ومفعاة ) في الأشخاص، أي: كثيرة الضباب والأفاعي، ونحو: (الحق مجدرة، ومخلقة بك ) في الأحداث.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {نملة} ، و {النمل} ; فهي لغة; كـ (سمرة ) ، و (السمر ) ، و {نملة} : لغة أخرى، أو مخففة من (نملة ) ، وضم النون والميم لغة أيضا، وهو كـ (بسرة، والبسر ) .

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في {يحطمنكم} ، وما فيه من الوجوه; كالقول في: {يخطف}

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 102 ] [البقرة: 20]، و {يهدى} [يونس: 35]، وشبههما، [إلا في {يحطمنكم} ، فإنه مستقبل (حطم ) ، جاء على التكثير].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وهم لا يشعرون : يجوز أن يكون حالا من سليمان وجنوده ، والعامل في الحال: {يحطمنكم} .

                                                                                                                                                                                                                                      أو حالا من (النملة ) ، والعامل في الحال: {قالت} ; أي: قالت ذلك في حال غفلة الجنود; كقولك: (قمت والناس غافلون ) .

                                                                                                                                                                                                                                      أو حالا من {النمل} ، والعامل: {قالت} أيضا; على أن المعنى: قالت والنمل لا يشعرون أن سليمان يفهم مقالتها; فأخبر عنها كالإخبار عمن يعقل لما فهم سليمان قولها.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {فتبسم ضحكا من قولها} ; فهو منصوب على المصدر بفعل محذوف يدل عليه (تبسم ) ; كأنه قال: ضحك ضحكا، هذا مذهب سيبويه،

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 103 ] وهو عند غير سيبويه: منصوب بنفس (تبسم ) ; لأنه في معنى (ضحك ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ضاحكا} ; فهو منصوب على الحال من الضمير في (تبسم ) ; والمعنى: تبسم مقدرا الضحك، لأن الضحك يستغرق التبسم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه : جوابان للقسم، وليس قوله: أو ليأتيني بسلطان مبين كذلك; لأنه لم يقسم على أن يأتيه بسلطان مبين، وإنما جرى على ما قبله على باب المجازاة.

                                                                                                                                                                                                                                      و (مكث ) ، و (مكث ) : لغتان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: غير بعيد : نعت لظرف محذوف; أي: وقتا غير بعيد، أو لمصدر محذوف; أي: مكث مكثا غير بعيد.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن صرف {سبإ} ; جعله اسما للأب أو الحي، ومن لم يصرفه; جعله اسما للقبيلة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {من سبأ} ; بهمزة ساكنة، فهو على نية الوقف عليه، ثم حمل

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 104 ] الوصل على الوقف; كما قالوا: (سبسبا ) و (كلكلا ) و (أفعو ) ، و (أفعي ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك قدر الوقف من قرأ: {سبا} ; بألف، وأبدل الهمزة ألفا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ألا يسجدوا لله : من قرأ: ألا يسجدوا لله جاز أن يتعلق (أن ) بقوله: {فصدهم} ;المعنى: فصدهم; لئلا يسجدوا، أو بـ وزين لهم ; أي: زين لهم; لئلا يسجدوا، وهو في الوجهين مفعول له.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عمرو: (أن ) في موضع جر على البدل من {السبيل} .

                                                                                                                                                                                                                                      اليزيدي: هي نصب على البدل من {أعمالهم} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: العامل فيها: {يهتدون} ; على أن (لا ) زائدة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 105 ] ومن قرأ: {ألا يا اسجدوا} ; فهو على معنى: ألا يا هؤلاء، اسجدوا كأنه لما قال: وزين لهم الشيطان أعمالهم إلى لا يهتدون ; دل على أنهم لا يسجدون، ودخل حرف النداء على الأمر; لأنه موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المأمور لتأكيد ما يؤمر به، كما أن النداء موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المنادى لما ينادى له.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز ألا يراد منادى، ويجوز أن يراد منادى محذوف، كما قال: [من البسيط]:


                                                                                                                                                                                                                                      يا لعنة الله والأقوام كلهم



                                                                                                                                                                                                                                      فهذا يدل على حذف المنادى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنه من سليمان : كسر (إن ) على الاستئناف، [وأجاز الفراء فتحها; على أن يكون موضعها رفعا على البدل من {كتاب} ]، وأجاز كونها

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 106 ] نصبا على تقدير حذف الجار، وكذلك: وإنه بسم الله الرحمن الرحيم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين : يجوز أن تكون (أن ) مفسرة، ويجوز أن تكون في موضع نصب; على تقدير حذف الباء، ويجوز أن تكون رفعا على تقدير: إني ألقي إلي ألا تعلوا علي.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ألا تغلوا علي} ; بالغين; فمعناه: التجاوز والتكبر، وهي راجعة إلى معنى قراءة الجماعة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {قال عفرية} ; فهي لغة في (عفريت ) ، واشتقاقه من (العفر ) ; وهو التراب، فكأنه يختل قرنه، فيصرعه إلى العفر، والتاء في (عفريت ) زائدة، كزيادتها في (طاغوت ) ، ويجمع على (عفاريت ) ، (وعفار ) ; كـ (طواغيت ) ، و (طواغ ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وصدها ما كانت تعبد من دون الله : {ما} في موضع رفع بـ (صد ) ، أو في موضع نصب، على تقدير حذف (عن ) ; أي: صدها الله أو سليمان عن ما كانت تعبد.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 107 ] وكسر (أن ) من إنها كانت على الاستئناف، والفتح على أنها في موضع رفع على البدل من {ما} إن كانت {ما} فاعلة، أو على أن (أن ) فاعلة (الصد ) إن قدرت حذف (عن ) قبل {ما} .

                                                                                                                                                                                                                                      أو يكون موضع (أن ) نصبا; على تقدير لأنها كانت من قوم كافرين.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ بهمز {سأقيها} ; فإنه أجرى الواحد مجرى الجمع، فهمز (الساق ) كما يهمز (السوق ) ، ووجه همز (السوق ) : أن ضمة السين مقدرة في الواو، لقربها منها، لأن الحركات مقدرة بعد الحروف، فكأن الواو مضمومة، فقلبت همزة كما تقلب المضمومة، وقد جاء أيضا عن العرب قلب الألف في نحو: (العالم ) و (الخاتم ) همزة، ومنه قول العجاج: [من الرجز]:


                                                                                                                                                                                                                                      يا دار سلمى يا اسلمي ثم اسلمي

                                                                                                                                                                                                                                          فخندف هامة هذا العألم



                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية