التفسير: 
قوله تعالى: ومن الناس من يشتري لهو الحديث   الآية: نزلت هذه الآية -فيما ذكر المفسرون- في رجل من مشركي قريش اشترى جارية مغنية، وأمرها أن تغني بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فـ لهو الحديث   -على هذا- هو الغناء، وكذلك روي عن  ابن مسعود،   وابن عباس،  وغيرهما. 
 الضحاك:  لهو الحديث   : الشرك. 
 قتادة:  هو استبدال حديث الحق بحديث الباطل. 
وقيل: نزلت الآية في النضر بن الحارث،  كان يشتري الكتب التي فيها  [ ص: 232 ] أخبار فارس  والروم،  فيلهي بها قريشا.  
 ابن عباس:  ليضل عن سبيل الله  أي: عن قراءة القرآن، وذكر الله. 
ومعنى: بغير علم   : جهلا منه بأمر الله عز وجل. 
وقوله: ويتخذها هزوا  أي: يتخذ سبيل الله هزؤا. 
وقوله: وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم   : قال  ابن عباس:  أي: من كل لون حسن. 
 الشعبي:  المراد به: الناس؛ لأنهم مخلوقون من الأرض، فمن كان منهم للجنة؛ فهو الكريم. 
وقوله: ولقد آتينا لقمان الحكمة   : كان لقمان   -فيما روي عن  ابن عباس  وغيره- عبدا حبشيا. 
 ابن المسيب:  كان من سودان مصر.  
 عكرمة:  كان نبيا. 
 مجاهد:  كان رجلا صالحا، ولم يكن نبيا، وقيل: إنه كان نجارا، وقيل: كان خياطا، وكان -فيما روي- في زمن داود  عليه السلام. 
 [ ص: 233 ] و (الحكمة التي أوتيها) في قول  مجاهد:  العقل، والفقه، والصواب في القول، من غير نبوة، وكان اسم ابنه -فيما روي- تاران.  
وقوله: ووصينا الإنسان بوالديه   : هذا اعتراض بين كلام لقمان،  ووقع هذا الاعتراض؛ لأنه مما أمر به ابنه، دل عليه: يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل  ، وما بعده. 
وقوله: وهنا على وهن  معناه: ضعفا على ضعف، قيل: ضعف الولد على ضعف الأم، وقيل: ضعف النفاس على ضعف الحمل. 
وقوله: وفصاله في عامين  أي: فطامه في انقضاء عامين، وفي الآية تقديم وتأخير؛ وتقديرها: ووصينا الإنسان بوالديه أن اشكر لي ولوالديك، حملته أمه وهنا على وهن، وفصاله في عامين. 
وقد تقدم ذكر هذه الآية، وفي من نزلت. 
وقوله: وصاحبهما في الدنيا معروفا  أي: مصاحبا معروفا. 
يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل   : هذا إخبار عن لقمان،  والضمير في {إنها}: قيل: للقصة، كان ابنه سأله عن ذلك، فقال: يا بني، إن القصة التي سألتني  [ ص: 234 ] عنها، أو المسألة، وقيل: هو للخطيئة، وقيل: هو للفعلة، من حسنة أو سيئة. 
[ومن نصب مثقال حبة  ؛ أضمر في {تك} اسما يعود على الأوجه الثلاثة السابقة في {إنها}]، ومن رفع {مثقال حبة} ؛ فلا إضمار فيه. 
فتكن في صخرة   : قال سفيان  وغيره: هي الصخرة التي تحت الأرض. 
وقوله: إن الله لطيف خبير  أي: لطيف باستخراجها، خبير بمكانها. 
وقوله: ولا تصعر خدك للناس  أي: لا تعرض بوجهك عنهم تكبرا، عن  ابن عباس  وغيره. 
و (الصعر): داء يأخذ الإبل في أعناقها ورؤوسها؛ فتلوي أعناقها، فشبه المتكبر على الناس بها. 
وقوله: {مرحا} أي: تجبرا وتكبرا. 
[وتقدم ذكر (المختال) و (الفخور). 
واقصد في مشيك  يعني: التوسط فيه]. 
 [ ص: 235 ] واغضض من صوتك  أي: انقص منه، والمراد بذلك كله: التواضع. 
وقوله: إن أنكر الأصوات لصوت الحمير  أي: أقبحها، وجاء في الخبر: "أنه ما صاح حمار ولا نبح كلب إلا أن يرى شيطانا". 
وقوله: ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة   : قال النبي عليه الصلاة والسلام  لابن عباس،  وقد سأله عن هذه الآية: "(الظاهرة): الإسلام، وما حسن من خلقك، و (الباطنة): ما ستر عليك من سيئ عملك". 
وتقدم القول في: ومن الناس من يجادل في الله بغير علم   . 
وقوله: أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير  أي: أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير يتبعونه؟ 
وتقدم القول في: (العروة الوثقى). 
وقوله: ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله   : نزلت هذه الآية بسبب أن اليهود  فخرت بنزول التوراة على  [ ص: 236 ] موسى،  وبقائها فيهم، وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: بلغنا أنك تقول: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا   [الإسراء: 85]، قاله  ابن عباس  وغيره، ومعنى (الكلمات) ههنا: ما انفرد به الباري عز وجل من علم ما كان، وما يكون. 
 قتادة:  قال المشركون: هذا كلام يوشك أن ينفد؛ فنزلت الآية. 
وقوله: ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة  أي: إلا كخلق نفس واحدة وبعثها، قال  مجاهد:  لأنه يقول للقليل والكثير: كن، فيكون. 
وقوله: فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد   : [قال  مجاهد:  مقتصد] في القول وهو كافر. 
وقيل: المعنى: أنه كافر غير مشرك. 
وقيل: في الكلام حذف؛ والمعنى: فمنهم مقتصد، ومنهم كافر، ودل على المحذوف: وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور   . 
وقيل: المعنى: فمنهم مقتصد، ومنهم جائر. 
الحسن: المقتصد: المؤمن، وهذا راجع إلى ما قدمناه. 
وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور   . (الختار): الغدور، عن  مجاهد،   وقتادة،  وغيرهما. 
وقوله: إن الله عنده علم الساعة  الآية: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مفاتيح الغيب خمسة"،  [ ص: 237 ] وتلا هذه الآية. 
				
						
						
