الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله عز وجل: إن المسلمين والمسلمات [ الآية:

                                                                                                                                                                                                                                      روي: أن أم سلمة قالت: يا رسول الله؛ إن الله تعالى يذكر الرجال، ولا يذكر النساء، فنزلت الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم : نزلت هذه الآية في زينب بنت جحش، خطبها النبي صلى الله عليه وسلم -وكانت بنت عمته- وهو يريدها لزيد بن حارثة، فنزلت الآية، [فأطاعت، وسلمت، قاله [ ص: 303 ] ابن عباس وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فزوجها زيد بن حارثة، فسخطت ذلك هي وأخوها؛ فنزلت الآية].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك الآية:

                                                                                                                                                                                                                                      قال قتادة وغيره: المراد في الآية: زيد بن حارثة، أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق، وكان زيد -في ما روي عن أنس بن مالك، وغيره- مسبيا من الشام، ابتاعه حكيم بن حزام بن خويلد، فوهبه لعمته خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعتقه، وتبناه.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: شكا زيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم لسان زينب، وقال: إني أريد أن أطلقها، فقال له: {أمسك عليك زوجك واتق الله}، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها زيد؛ إذ قد أعلمه الله عز وجل قبل ذلك أن زيدا سيطلقها، ويتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعده، وكره أن يأمره بطلاقها؛ لئلا يستشنع الناس ذلك؛ إذ لا علم لهم بما قضاه الله تعالى، ثم طلق زيد زينب، ونزل القرآن بعد انقضاء عدتها على النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 304 ] بإنكاحه إياها، فكانت أقرب نسائه إليه بعد عائشة رضي الله عنها، وكانت تفخر على نسائه صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى زوجها إياه من سمائه، وكانت عائشة رضي الله عنها تفخر بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوجها حتى أتاه جبريل عليه السلام بصورتها من الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها : (الوطر): الحاجة والشهوة، وفي هذا إشارة إلى إيقاع الطلاق، وكذلك قوله: لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ، وأعلم الله تعالى في هذه الآية أن ما جرى من أمر زينب إنما كان ليقتدي المؤمنون بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في أزواج أدعيائهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: سنة الله في الذين خلوا من قبل أي: أنهم لا حرج عليهم فيما أبيح لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم : هذا كله في زيد بن حارثة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى: وخاتم النبيين : آخرهم، في قراءة من فتح التاء، ومن كسرها؛ فهو اسم الفاعل، من (ختم) ؛ أي: ختمهم، وطبع على النبوة، فلا تفتح لأحد بعده صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 305 ] وقوله: أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا : تقدم القول في (الأصيل).

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: معنى قوله: بكرة وأصيلا : الصبح والعصر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: هو الذي يصلي عليكم وملائكته : صلاة الله على عباده: رحمته إياهم، وصلاة ملائكته عليهم: الدعاء لهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة الله تعالى على عباده: سبوح قدوس، رحمتي تغلب غضبي".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية