الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      فتح الميم من {حم} على معنى: اقرأ حم، أو لالتقاء الساكنين، [ ص: 563 ] والكسر؛ لالتقاء الساكنين أيضا، أو على وجه القسم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون : العامل في {إذ} فعل مضمر، كأنه قال: اذكروا إذ تدعون إلى الإيمان، فتكفرون، ولا يعمل فيه {لمقت} لأن الخبر قد فصل بينهما، وليس بداخل في الصلة، و {إذ} داخلة في صلة {لمقت} إذا أعملته فيها، ففيه تفرقة بين الصلة والموصول بخبر الابتداء، ولا يعمل فيها (المقت) الثاني؛ إذ ليس المعنى عليه; لأنهم لم يكونوا حين دعوا إلى الإيمان فكفروا ماقتين أنفسهم، ولا يعمل في {إذ} {تدعون} لأنها مضافة إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يوم هم بارزون : العامل في يوم لا يخفى على الله منهم شيء ويجوز أن يكون بدلا من {يوم} الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم : يجوز أن يكون {فينظروا} [منصوبا على جواب الاستفهام، أو مجزوما] معطوفا على [ ص: 564 ] {يسيروا} و {كيف}: خبر {كان} و {عاقبة}: اسمها، وفي {كيف} ضمير يعود على (العاقبة).

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون {كان} تامة، و {كيف} ظرفا ملغى، لا ضمير فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ {سبيل الرشاد} بالتشديد، فالمعنى: ما أهديكم إلا سبيل الله عز وجل، ويجوز أن يكون المراد بـ(الرشاد) موسى -عليه السلام- وهو أشبه؛ لأنه يكون من (رشد يرشد) [كـ (عباد) من (عبد يعبد) أو يكون من (رشد يرشد] كـ (علام) من (علم يعلم) ويبعد أن يكون من (أرشد) لأن (فعالا) لم يأت منه إلا في حروف شاذة معدودة، وهي (أجبر) و (أسأر) و (أقصر) و (أدرك).

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنما جاء (فعال) من هذه على تقدير حذف الزيادة، فكأنه من (سأر) و (درك) و (قصر) و (جبر).

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن (رشاد) بمعنى (مرشد) لا على أنه مشتق منه; كـ (اللأال) [ ص: 565 ] من (اللؤلؤ) فهو بمعناه، وليس جاريا عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار : من نون; فـ{متكبر} صفة لـ {قلب} والمعنى: صاحبه متكبر، فـ (المتكبر) وإن جعل صفة لـ (القلب) فالمراد به جملة الإنسان، ومن أضاف ففي الكلام حذف; والمعنى: كذلك يطبع الله على كل قلب كل متكبر جبار، فحذف (كل) لتقدم ما يدل عليه، وإذا لم يقدر حذف (كل) لم يستقم المعنى؛ لأنه يصير معناه: إنه يطبع على جميع قلبه، وليس المعنى عليه، وإنما المعنى: إنه يطبع على قلوب المتكبرين الجبارين قلبا قلبا، ومثل حذف (كل) قول أبي دؤاد: [من المتقارب]


                                                                                                                                                                                                                                      أكل امرئ تحسبين امرأ ونار توقد بالليل نارا

                                                                                                                                                                                                                                      يريد: وكل نار.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 566 ] ومن قرأ: {فأطلع} بالنصب; فعلى أنه جواب لكلام غير موجب; والمعنى: إذا بلغت اطلعت، ومن رفع عطف على {أبلغ} والمعنى: لعلي أبلغ ولعلي أطلع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم القول في وصد عن السبيل في فتح الصاد وضمها وكسرها في (الرعد) [33] ومن قرأ: {وصد} جعله اسما معطوفا على {سوء} .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية