الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب :

                                                                                                                                                                                                                                      من فتح الدال من قوله : {بدعا} ؛ فهو على تقدير حذف المضاف ، والمعنى : ما كنت صاحب بدع .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لسانا عربيا : {عربيا} : حال من المضمر المرفوع في {مصدق} ، أو من {كتاب} ، أو من (ذا ) ، والعامل في الحال معنى الإشارة أو التنبيه ، و {لسانا} : توطئة للحال .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : هما حالان .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن {لسانا} منصوب بـ {مصدق} ، وهذا على قول من قال : إن (اللسان ) محمد صلى الله عليه وسلم ، ويبعد أن يكون اللسان القرآن ؛ لأن المعنى يكون : يصدق نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ووصينا الإنسان بوالديه حسنا : من قرأ : {إحسانا} ؛ فهو مصدر ؛ والمعنى : أمرناه بالإحسان ؛ أي : أن يحسن إليهما إحسانا ، ولا ينتصب بـ {وصينا} ؛ [ ص: 143 ] لأن {وصينا} قد استوفى مفعوليه ، وتقدم القول في نصب قوله : {حسنا} وتقديره .

                                                                                                                                                                                                                                      فأما {حسنا} ؛ فيجوز أن يكون مصدرا ؛ كالمصادر التي اعتقب عليها (الفعل ، والفعل ) ؛ كـ (الشغل ، والشغل ) ، (والبخل ، والبخل ) ، ويجوز أن يكون اسما صفة ؛ التقدير : ووصينا الإنسان بوالديه فعلا حسنا ، ونصب بـ {وصينا} ؛ لأنه يفيد معنى : ألزمناه الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      وحمله وفصاله ثلاثون شهرا أي : أمد حمله ، فحذف المضاف ، ولولا هذا الإضمار ؛ لنصب {ثلاثون} على الظرف ، وتغير المعنى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : {فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم} : من قرأ : بالتاء مسمى الفاعل ، أو بالياء غير مسمى الفاعل ؛ فظاهر ، والتقدير في قراءة من قرأ : لا يرى إلا مساكنهم : لا يرى شيء إلا مساكنهم ، فهو محمول على المعنى ؛ كما تقول : (ما قام إلا هند ) ؛ والمعنى : ما قام أحد إلا هند ، ومن قرأ بالتاء غير مسمى الفاعل ؛ [ ص: 144 ] فعلى لفظ الظاهر الذي هو (المساكن ) المؤنثة ، وهو قليل ، لا يستعمل إلا في الشعر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وذلك إفكهم : [من قرأ : {أفكهم} ] ؛ فمعناه : صرفهم ، وكذلك : {أفكهم} ، إلا أن فيه معنى التكثير .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {آفكهم} ؛ جاز أن يكون (أفعلهم ) ؛ أي : أصارهم إلى الإفك ، وجاز أن يكون (فاعلهم ) ؛ كـ (خادعهم ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {أفكهم} ؛ فهو مثل : {إفكهم} ، (الإفك ، والأفك ) ؛ كـ (الحذر ، والحذر ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {آفكهم} ؛ فهو بمعنى : صارفهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وما كانوا يفترون : {ما} معطوفة على {إفكهم} إذا كان مصدرا ، أو اسم فاعل ، أو على {ذلك} إذا كان {إفكهم} فعلا ، أو على المضمر المرفوع في (أفك ) [إذا كان فعلا ] ، وحسن ذلك ؛ للتفرقة بالمضمر المنصوب ؛ فقام [ ص: 145 ] مقام التأكيد .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {ولم يعي} ؛ فهو شاذ قليل ، لم يأت إعلال العين وتصحيح اللام إلا في أسماء قليلة ؛ نحو : (غاية ) ، و (آية ) ، ولم يأت في الفعل سوى بيت أنشده الفراء ؛ [وهو قول الشاعر ] : [من الكامل ]


                                                                                                                                                                                                                                      وكأنها بين النساء سبيكة تمشي بسدة بيتها فتعي

                                                                                                                                                                                                                                      وكأن من قرأ : {يعي} شبهه (يبع ) ، فحذف العين ؛ لسكونها وسكون الياء الثانية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ : ارتفاع {بلاغ} على إضمار مبتدأ ؛ كأنه قال : هذا بلاغ ، وقيل : إنه مبتدأ ، والخبر : {لهم} [من قوله : ولا تستعجل لهم ] ؛ على معنى : لهم بلاغ ؛ [فلا يوقف على هذا التقدير على من نهار ، والوقف على : {بلاغ} ] حسن على التقديرات كلها .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 146 ] ومن قرأ بنصب {بلاغ} ؛ فعلى المصدر ، أو النعت لـ {ساعة} .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      هذه السورة مكية ، وعددها في الكوفي : خمسة وثلاثون آية ، وفي بقية العدد : أربعة وثلاثون آية ، عد الكوفي : {حم} [1 ] ، ولم يعدها من سواه .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية