الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قال عكرمة، وقتادة: (الطور) : الجبل، مجاهد: هو بالسريانية؛ والمراد به: طور سيناء، وقيل: هو جبل بمدين.

                                                                                                                                                                                                                                      وكتاب مسطور أي: مكتوب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: في رق منشور أي: في صحيفة، والمراد به فيما ذكره المفسرون-: الكتاب الذي يعطاه العبد يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والبيت المعمور : قال علي، وابن عباس، وغيرهما: هو بيت في السماء الرابعة حيال الكعبة، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم يخرجون منه، فلا يعودون إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال علي رضي الله عنه: هو في السماء السادسة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 237 ] وقال ابن عباس: حذاء العرش، وعن ابن عباس أيضا أنه قال: لله في السماوات والأرضين خمسة عشر بيتا: سبعة في السماوات، وسبعة في الأرضين، والكعبة، وكلها مقابلة للكعبة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والسقف المرفوع يعني: السماء.

                                                                                                                                                                                                                                      والبحر المسجور : قال مجاهد: الموقد، وقد جاء في الخبر: ((أن البحر يسجر يوم القيامة، فيكون نارا)) .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: {المسجور} : المملوء، فيجوز أن يكون المملوء نارا، فيكون كالقول المتقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: {المسجور} : الذي ذهب ماؤه، وعنه أيضا: {المسجور} : المحبوس.

                                                                                                                                                                                                                                      علي رضي الله عنه: هو بحر تحت العرش.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يوم تمور السماء مورا أي: تدور دورا، عن مجاهد، الضحاك: يموج بعضها في بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يوم يدعون إلى نار جهنم دعا أي: يدفعون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: هذه النار أي: يقال لهم: هذه النار.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 238 ] وقوله: أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون : هذا استفهام، معناه: التقرير والتوبيخ.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في معنى {فاكهين} ، و(السرر المصفوفة) ، و(الحور العين) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم : قال ابن عباس: إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه وإن كانوا دونه في العمل؛ لتقر بهم عينه، وتلا هذه الآية، وعنه أيضا أنه قال: إن الله ليلحق بالمؤمن من ذريته الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان.

                                                                                                                                                                                                                                      و(الذرية) : تقع على الصغار والكبار، فإن جعلت ههنا الصغار، كان قوله: {بإيمان} في موضع الحال من المفعولين، وكان التقدير: بإيمان من الآباء، وإن جعلت (الذرية) للكبار؛ كان قوله: {بإيمان} حالا من الفاعلين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وما ألتناهم من عملهم من شيء أي: ما أنقصنا الآباء من ثواب عملهم مع إلحاق ذريتهم بهم- شيئا.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: المعنى: واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بالذرية أبناءهم الصغار الذين [ ص: 239 ] لم يبلغوا العمل، فالهاء والميم على هذا القوم لـ (الذرية) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يتنازعون فيها كأسا أي: يتناولها بعضهم من بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      لا لغو فيها ولا تأثيم : قال مجاهد: لا يستبون فيها ولا يؤثمون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كأنهم لؤلؤ مكنون أي: مصون، لم تمر به الأيدي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين أي: مشفقين من عذاب الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ووقانا عذاب السموم أي: عذاب نار السموم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون : هذا رد لقولهم في النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون : قال ابن عباس: يعني: الموت، وقيل: المعنى: نتربص به حوادث الدهر؛ من الموت، أو المرض، أو الغلبة، أو نحو ذلك من المنون، و {المنون} أيضا: الدهر.

                                                                                                                                                                                                                                      الأصمعي: {المنون} : واحد لا جماعة له، الأخفش: هو جماعة لا واحد له، الفراء: {المنون} : يقع للواحد والجمع.

                                                                                                                                                                                                                                      و {المنون} : يذكر ويؤنث، فمن ذكره؛ جعله الدهر، أو الموت، ومن أنث؛ فعلى الحمل على المعنى؛ كأنه أراد: المنية.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 240 ] الأصمعي: قيل للدهر: {المنون} ؛ لأنه يذهب بمنة الحيوان؛ أي: قوته، وكذلك المنية.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: قيل للدهر: (منون) ؛ لأنه مضعف؛ من قولهم: (حبل منين) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أم تأمرهم أحلامهم بهذا أي: عقولهم، أم هم قوم طاغون أي: أم طغوا بغير عقول.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أم خلقوا من غير شيء أي: من غير صانع صنعهم، وقيل: {من} بمعنى: اللام؛ والمعنى: لغير شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أم هم الخالقون أي: أم يقولون: إنهم خلقوا أنفسهم؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أم عندهم خزائن ربك أي: أم عندهم ذلك؛ فيستغنوا عن الله، ويعرضوا عن أمره؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: هم المصيطرون : قال أبو عبيدة: أي: الأرباب، وقيل: الجبارون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أم لهم سلم يستمعون فيه : قيل: معناه: يستمعون [به، وقيل: معناه: يستمعون] عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فليأت مستمعهم بسلطان مبين أي: بحجة بينة أن هذا الذي هم عليه حق.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أم تسألهم أجرا أي: على تبليغ الرسالة؛ فهم من مغرم مثقلون أي: فهم من المغرم الذي تطلبهم به مثقلون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 241 ] وقوله: أم عندهم الغيب فهم يكتبون أي: يكتبون للناس ما أرادوه من علم الغيوب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أم يريدون كيدا أي: أم يريدون مكرا بك ؟ فهم المكيدون؛ أي: الممكور بهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإن يروا كسفا من السماء ساقطا الآية: قال ذلك؛ لقولهم: أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا [الإسراء: 92]، فأعلم أنه لو فعل ذلك؛ لقالوا: سحاب مركوم ؛ أي: بعضه فوق بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون أي: يموتون.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس: عذاب القبر، ابن زيد: مصائب الدنيا، مجاهد: الجوع، وقيل: يعني: يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإنك بأعيننا أي: نحن نحوطك ونرعاك.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول فيما بعد ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية