الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإذا قيل انشزوا فانشزوا : قال: الحسن: أي: انهضوا إلى الحرب.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: المعنى: إذا قيل لكم: ارتفعوا عن مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فارتفعوا.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: المعنى: أجيبوا إذا دعيتم إلى أمر بمعروف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم اشتقاق (النشوز) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات : [قال ابن مسعود: مدح الله تعالى العلماء في هذه الآية، والمعنى: أنه يرفع الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات]، أي: درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 357 ] وقيل: يرفعهم في الثواب والكرامة، وقيل: يرفعهم في الفضل في الدنيا والمنزلة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة : قال ابن عباس: نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على النبي عليه الصلاة والسلام، حتى شقوا عليه، فأراد الله التخفيف عنه، فكف كثير من الناس، ثم وسع الله عليهم بالآية التي بعدها.

                                                                                                                                                                                                                                      زيد بن أسلم: نزلت بسبب أن المنافقين واليهود كانوا يناجون النبي عليه والصلاة والسلام، [ويقولون: إنه أذن، يسمع كل ما قيل له]، وكان لا يمنع أحدا مناجاته، فكان ذلك يشق على المسلمين؛ لأن الشيطان كان يلقي في أنفسهم أنهم ناجوه بأن جموعا اجتمعت لقتاله، قال: فأنزل الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول الآية، فلم ينتهوا؛ فأنزل الله هذه الآية، فانتهى أهل الباطل عن النجوى، لأنهم لم يقدموا بين يدي نجواهم صدقة، وشق ذلك على أهل الإيمان، وامتنعوا من النجوى؛ لضعف مقدرة كثير منهم عن الصدقة، فخفف الله عنهم بما بعد الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      قال بعض العلماء: نسخت هذه الآية قبل أن يعمل بها، وقال بعضهم: نسخت بعد أن عمل بها علي رضي الله عنه، ولم يعمل بها غيره، روي ذلك عنه، وروي أنه قال: تصدقت بدينار، وناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن علي رضي الله عنه أنه قال: قال لي [ ص: 358 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت: «أترى أن يكون دينارا؟» ، قلت: لا يطيقونه، قال: «فكم؟» فقلت: شعيرة، فقال: «إنك لزهيد» ، فنزلت: أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات الآية، قال: فبي خفف الله عن هذه الأمة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية