الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم : قيل : يعني : الطوفان ، وقيل : يعني : عذاب جهنم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : يغفر لكم من ذنوبكم : قيل : {من} : لبيان الجنس ، وقيل : للتبعيض ، وقيل : هي بمعنى : (عن) ، ولا يصح كونها زائدة؛ لأن (من) لا تزاد في الواجب ، وفي كونها ههنا لبيان الجنس بعد؛ إذ لم يتقدم جنس يبين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ويؤخركم إلى أجل مسمى : قد تقدم القول في مثله في (سورة إبراهيم) عليه السلام [10] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم أي : سدوا آذانهم؛ لئلا يسمعوا دعاءه .

                                                                                                                                                                                                                                      واستغشوا ثيابهم أي : تغطوا بها ، وقيل : هو كناية عن العداوة؛ يقال : (لبس لي فلان ثياب العداوة) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ما لكم لا ترجون لله وقارا : قال ابن عباس : أي : لا تعرفون لله عظمة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 489 ] الحسن : لا تعرفون لله حقا ، ولا تشكرون له نعمة .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : لا ترجون لله عاقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : (الرجاء) ههنا بمعنى : الخوف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وقد خلقكم أطوارا يعني : نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، عن ابن عباس وغيره ، وقيل : صبيانا ، ثم شبانا ، ثم شيوخا ، [وضعفاء ، ثم أقوياء] ، ونحو ذلك من اختلاف الأحوال وانتقالها ، و (الطور) في اللغة : المرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وجعل القمر فيهن نورا : قيل : المعنى : في ناحيتهن؛ لأنه في السماء الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      قطرب : {فيهن} بمعنى : معهن .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن كيسان : إذا كان في إحداهن؛ فهو فيهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : والله أنبتكم من الأرض نباتا يعني : آدم عليه السلام؛ والمعنى : أنبتكم ، فنبتم نباتا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لتسلكوا منها سبلا فجاجا : (الفجاج) : الطرق المتسعة المفترقة ، واحدها : (فج) .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : يعني : طرقا مختلفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا أي : هلاكا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ومكروا مكرا كبارا : (الكبار) ، و (الكبار) ؛ بالتخفيف ، و (الكبير) سواء .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 490 ] وقوله : وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا : قال ابن عباس ، وغيره : كان قوم نوح يعبدون هذه الأصنام ، ثم عبدتها العرب ، ويروى : أن ودا كان لكلب بدومة الجندل ، وكانت سواع لهذيل ، وكانت يغوث لمراد ، ثم لغطفان بالحرف عند سبأ ، وكانت يعوق لهمدان ، ونسر لحمير لآل ذي الكلاع .

                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن قيس : هذه الأسماء أسماء رجال صالحين ، حزن عليهم قومهم لما ماتوا؛ فسول لهم الشيطان أن صوروا صورهم؛ ليتسلوا بالنظر إليها ، فلما مات أولئك؛ عبدها أبناؤهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وقد أضلوا كثيرا : هذا من قول نوح ، ونسب الإضلال إليهم؛ لأنه كان بسببهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : مما خطيئاتهم أغرقوا : (ما) : مؤكدة؛ والمعنى : من خطيئاتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الفراء : المعنى : من أجل خطيئاتهم؛ فأدت (ما) هذا المعنى ، قال : و (ما) تدل على المجازاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فأدخلوا نارا أي : بعد إغراقهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 491 ] وقوله : وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا : دعا عليهم حين يئس من إيمانهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : دعا عليهم بعد أن أوحي إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأصل (ديار) : (ديوار) ، (فيعال) ، من (دار يدور) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولمن دخل بيتي مؤمنا أي : مسجدي .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تزد الظالمين إلا تبارا أي : هلاكا ، وقيل : ضلالا ، وقيل : خسارا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية