لا يشترط في الإيمان معرفة عدد الرسل والملائكة  
ولا يشترط في الإيمان بالملائكة والرسل والكتب معرفة عددهم وعددها ، بل يكفي الإيمان الجملي; لأن الله تعالى قال : ومنهم من لم نقصص عليك   [غافر : 78] ، وقال : وما يعلم جنود ربك إلا هو   [المدثر : 31] . 
ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وهما ساكتان صامتان عن بيان هذا المرام . فعلينا أن نؤمن ، ولا نقول : كيف وكم؟ 
 [ ص: 105 ] واعتبار رؤية العبد ربه في العبادة ، يرشد إلى نهاية الهيبة والتعظيم ، والإجلال والخضوع والخشوع ، والإخبات والحياء ، والشوق والذوق ، والمحبة والانجذاب . 
وهذا هو مقام المشاهدة والاستغراق في بحر الأذواق والحضور . 
ودون هذا المقام مرتبة المراقبة ، وهو إدراك ملاحظة الرب تعالى إليه ، والاطلاع على علمه سبحانه بحاله . 
وهذه الحالة أيضا تستدعي الخوف ، والخشية ، والاحتياط في الحركات والسكنات والضبط ، ورعاية الأفعال والأحوال ، والأدب ، والطمأنينة ، وعدم الالتفات إلى اليمين والشمال ، كما أن أحدا إذا يقوم في حضرة الملك الحافظ ، الرقيب المشاهد لأحواله ، لا يجد مجالا لعدم التقيد ، وترك الأدب . 
وأما من ينظر ويشاهد جمال السلطان في هذا الآن ، فلا تسأل عن شأنه ، فإن له حالا آخر ، ولذة أخرى ، لا مزيد عليها . 
وقد قال سيد العرفاء وإمام العباد والعلماء صلى الله عليه وسلم : «وجعلت قرة عيني في الصلاة»  . 
وهذا قاله في المقام الأول ، وهو أعلى وأكمل من مقامات جميع العابدين ثم فثم . 
				
						
						
