الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
العاشر أن : يلازم المسجد حتى يصلي العصر فإن أقام إلى المغرب فهو الأفضل يقال : من صلى العصر في الجامع كان له ثواب الحج ، ومن صلى المغرب ، فله ثواب حجة وعمرة فإن لم يأمن التصنع ودخول الآفة عليه من نظر الخلق إلى اعتكافه أو خاف الخوض فيما لا يعني فالأفضل أن يرجع إلى بيته ذاكرا الله عز وجل مفكرا في آلائه شاكرا لله تعالى على توفيقه خائفا من تقصيره مراقبا لقلبه ، ولسانه إلى غروب الشمس حتى لا تفوته الساعة الشريفة ولا ينبغي أن يتكلم في الجامع وغيره من المساجد بحديث الدنيا قال صلى الله عليه وسلم : يأتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم أمر دنياهم ليس لله تعالى فيهم حاجة ، فلا تجالسوهم .

التالي السابق


(العاشرة: أن يلازم المسجد) بعد فراغه من صلاة الجمعة (حتى يصلي العصر) مع جماعة إلا لمانع (فإن جلس) بعد ذلك (إلى) أن يصلي (المغرب) مع جماعة (فهو الأفضل) للساعة المنتظرة من آخر النهار (يقال: من صلى العصر في الجامع كان له ثواب حجة، ومن صلى المغرب، فله ثواب عمرة) ، كذا في القوت .

قلت: وهذا قد ورد في المرفوع أخرج الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس: من صلى المغرب في جماعة كتبت له حجة مبرورة، وعمرة متقبلة، وكأنما قام ليلة القدر.

وأخرج أحمد، والبيهقي من حديث أنس: من صلى العصر، فجلس يملي خيرا حتى يمسي كان أفضل ممن أعتق ثمانية من ولد إسماعيل.

وأخرج الديلمي من حديث أبي الدرداء: من صلى الجمعة كتبت له حجة متقبلة، فإن صلى العصر كانت له عمرة، فإن يمسي في مكانه لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه (فإن لم يأمن التصنع) على نفسه (ودخول الآفة عليه من نظر الخلق إلى اعتكافه) في المسجد (أو خاف الخوض فيما لا يعني) ، وفي نسخة: فيما لا ينبغي (فالأفضل) في حقه (أن يرجع) بعد صلاة الجمعة (إلى بيته ذاكرا الله تعالى) بلسانه، وقلبه (متفكرا في آلائه) ؛ أي: في نعمائه (شاكرا له على توفيقه) ، وإرشاده لهذا الخير العظيم (خائفا من تقصيره) الذي صدر منه في عبادته (مراقبا لقلبه، ولسانه) ، فلا يخطر بباله شيء من حظوظ الدنيا، ولا يجري على لسانه إلا الخير، فيراعي غروب الشمس بالأذكار، والتسبيح، والاستغفار في منزله، أو مسجد حيه، فذلك حينئذ أفضل (حتى لا تفوته الساعة الشريفة) الموعودة بإجابة الدعاء فيها (و) إذا جلس، فإنه (لا ينبغي أن يتكلم في الجامع) الذي صلى فيه الجمعة (وغيره من المساجد) التي يصلى فيها دائما (بحديث الدنيا) ، وكلامها (فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : يأتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم في أمر دنياهم ليس لله فيهم حاجة، فلا تجالسوهم) . قال العراقي: أخرجه البيهقي في الشعب من حديث الحسن مرسلا، وأسنده الحاكم في حديث أنس، وصحح إسناده، ولابن حبان نحوه من حديث ابن مسعود. اهـ .

قلت: لفظ حديث ابن مسعود: سيأتي على الناس زمان يقعدون في المجالس حلقا حلقا إنما نهمتهم الدنيا، فلا تجالسوهم، فإنه ليس لله فيهم حاجة، ولفظ حديث أنس عند الحاكم: يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم، وليس همهم إلا الدنيا ليس لله فيهم حاجة، فلا تجالسوهم، ولفظ البيهقي المرسل مثل ما ساقه المصنف؛ غير أنه قال: فلا تجالسوهم، فليس لله فيهم حاجة، وأورد ابن الحاج في المدخل حديثا مرفوعا بلفظ: إذا أتى الرجل المسجد، فأكثر من الكلام، فتقول الملائكة له: اسكت يا ولي الله، فإن زاد فتقول له: اسكت يا بغيض الله، فإن زاد، فتقول له: اسكت عليك لعنة الله. والله أعلم .




الخدمات العلمية