الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما السنن .

فإذا زالت الشمس وأذن المؤذن وجلس الإمام على المنبر انقطعت الصلاة سوى التحية .

التالي السابق


(وأما السنن) ، أي : سنن الخطبة ؛ فهي كثيرة أشار المصنف إلى بعضها بقوله : (فإذا زالت الشمس) من كبد السماء ، وهو مذهب الأئمة الثلاثة ، خلافا لأحمد ، ومن تبعه ، فإنه لا يشترط زوالها ، كما تقدم (وأذن المؤذن) الأذان الثاني ، وهو أصل أذان الجمعة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعهد أبي بكر - رضي الله عنهما - ، وأما الأول فزاده عثمان - رضي الله عنه - حين كثر الناس (وجلس الإمام) بعد صعوده (على المنبر) ، والسنة أن يكون المنبر على يمين الموضع الذي يصلي فيه الإمام ، ويكره المنبر الكبير الذي يضيق على المصلين إذا لم يكن المسجد متسع الخطة ، فإن لم يكن منبر خطب على موضع مرتفع . قاله

[ ص: 228 ] الرافعي ، وهل يأتي الخطيب قبل دخول الوقت ، أو بعده ؟ الأول هو الظاهر لكونه متبوعا ، والقوم ينتظرونه .

والثاني هو المعمول به من مدة أزمان ، فإن كان في المسجد بيت خطابة كموضع مستقل في قبلة المسجد على يمين المنبر ، فيجلس فيه ، ومعه المرقي ، فإذا قرب الوقت خرج الخطيب ، وقدامه المرقي ماسكا السيف ، أو العصا ، فإذا وصل إلى باب المنبر أخذ السيف ، أو العصا بيمينه من المرقي فيعتمد عليه ، ويصعد درج المنبر ، وهذا من شعائر الدين ، فإن لم يكن بيت خطابة فيأتي كغيره من المصلين قبل الوقت ، ويجلس في الصفوف التي تجاه المنبر ، وينتظر دخول الوقت ، فيأتي المرقي ، ويقف على باب المنبر فيتحرك من موضعه ، ويتوجه إلى المنبر ، ويتناول منه السيف ، أو العصا ، ويصعد ، فإذا استقر به الجلوس على المنبر حال الأذان بين يديه (انقطعت الصلاة) ، أي : ينبغي لمن ليس في صلاة من الحاضرين إذا صعد الخطيب على المنبر أن لا يفتتحها ، سواء كان صلى السنة أم لا ، ومن كان في صلاة خففها ؛ لأن الاشتغال بها يفوت سماع أول الخطبة إلى أن يتمها .

قال النووي : وسواء في المنع من افتتاح الصلاة في حال الخطبة من يسمعها ، وغيره (سوى التحية) للداخل ، فإنه يستحب له أن يصليها ، ويخففها ، فلو كان ما صلى السنة صلاها ، وحصلت التحية ، ولو دخل والإمام في آخر الخطبة لم يصل ؛ لئلا يفوته أول الجمعة مع الإمام ، وسواء في استحباب التحية قلنا : يجب الإنصات أم لا ؟ ونقل النووي ، عن العمراني ، وابن الصباغ أنه يستحب للخطيب إذا وصل إلى المنبر أن يصلي تحية المسجد ، ثم يصعد قال : وهذا الذي قالاه غريب ، وشاذ ، ومردود ، فإنه خلاف ظاهر المنقول من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والخلفاء الراشدين ، ومن بعدهم ، وقال صاحب القنية من أصحابنا : دخوله المسجد بنية الفرض ينوب عن تحية المسجد ، وإنما يؤمر بتحية المسجد إذا دخله لغير الصلاة .




الخدمات العلمية