الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ولا يبتدئ فيه السفر ، فقد روي أنه من سافر في ليلة الجمعة دعا عليه ملكاه وهو بعد طلوع الفجر حرام ، إلا إذا كانت الرفقة تفوت .

التالي السابق


(ولا يبتدئ فيه سفرا، فقد روي أن من سافر في ليلة الجمعة دعا عليه ملكاه) ، أي: كاتب اليمين، والشمال. قال العراقي: رواه الخطيب في الرواة عن مالك من حديث أبي هريرة بسند ضعيف جدا .

قلت: وأخرجه الدارقطني في الأفراد من حديث ابن عمر بلفظ: دعت عليه الملائكة أن لا يصحب، وأورده الضياء في أحكامه، وقال: في سنده ابن لهيعة، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن حسان بن علية قال: إذا سافر يوم الجمعة دعي عليه أن لا يصحب، ولا يعان على سفره، وأخرجه البخاري من حديث ابن عمر بلفظ: من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة لا يصحب في [ ص: 303 ] سفره، ولا يعان على حاجته. (وهو) ، أي: إنشاء السفر (بعد طلوع الفجر حرام، إلا إذا كانت الرفقة تفوت) ، فحينئذ لا بأس به. هكذا صرح به الأصحاب .

وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة من طريق عطاء، عن عائشة قالت: إذا أدركت ليلة الجمعة، فلا تخرج حتى تصلي الجمعة، وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أنه كان يسافر ليلة الجمعة، فإذا طلع الفجر لم يسافر، وعن الأعمش، عن خيثمة قال: كانوا يستحبون إذا حضرت الجمعة أن لا يخرجوا حتى يجمعوا، وعن سعيد بن المسيب قال: السفر يوم الجمعة بعد الصلاة. وعن هشام بن عروة أن عروة كان يسافر ليلة الجمعة، ولا ينتظر الجمعة، وعندنا من وجبت عليه الجمعة كره له إنشاء السفر بعد النداء ما لم يصل، واختلفوا في النداء، فقيل: الأول، وقيل: الثاني، فإن خرج قبل الزوال، فلا بأس به بلا خلاف، كما في التاتارخانية، وكذا بعد فراغ الجمعة وإن لم يدركها .

وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة، عن شريك، عن الأسود بن قيس، عن أبيه قال: قال عمر: لا تمنع من سفر .

وأخرج أيضا بسنده إلى أبي عبيدة أنه خرج يوم الجمعة في بعض أسفاره، ولم ينتظر الجمعة، وعن الحسن قال: لا بأس بالسفر يوم الجمعة ما لم يحضر وقت الصلاة، وعن ابن سيرين مثله، وعن ابن أبي ذئب قال: رأيت ابن شهاب يريد أن يسافر ضحوة يوم الجمعة، فقلت له: تسافر يوم الجمعة؟ قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سافر يوم الجمعة، فهذه دلائل الرخصة .




الخدمات العلمية