الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
منكرات الأسواق .

من المنكرات المعتادة في الأسواق الكذب في المرابحة وإخفاء العيب.

فمن قال : اشتريت هذه السلعة مثلا بعشرة وأربح فيها كذا وكان كاذبا فهو فاسق .

وعلى من عرف ذلك أن يخبر المشتري بكذبه فإن سكت مراعاة لقلب البائع كان شريكا له في الخيانة وعصى بسكوته .

وكذا إذا علم به عيبا فيلزمه أن ينبه المشتري عليه وإلا كان راضيا بضياع مال أخيه المسلم وهو حرام وكذا ، التفاوت في الذراع والمكيال والميزان يجب على كل من عرفه تغييره بنفسه أو رفعه إلى الوالي حتى يغيره .

ومنها ترك الإيجاب والقبول والاكتفاء بالمعاطاة ولكن ذلك في محل الاجتهاد فلا ينكر إلا على من اعتقد وجوبه .

وكذا في الشروط الفاسدة المعتادة بين الناس يجب الإنكار فيها فإنها مفسدة للعقود .

وكذا في الربويات كلها وهي غالبة .

وكذا سائر التصرفات الفاسدة .

ومنها بيع الملاهي وبيع أشكال الحيوانات المصورة في أيام العيد لأجل الصبيان فتلك يجب كسرها والمنع من بيعها كالملاهي وكذلك بيع الأواني المتخذة من الذهب والفضة وكذلك بيع ثياب الحرير وقلانس الذهب والحرير أعني التي لا تصلح إلا للرجال أو يعلم بعادة البلد أنه لا يلبسه إلا الرجال ، فكل ذلك منكر محظور ، وكذلك من يعتاد بيع الثياب المبتذلة المقصورة التي يلبس على الناس بقصارتها وابتذالها ويزعم أنها جديدة فهذا الفعل حرام والمنع منه واجب .

وكذلك تلبيس انخراق الثياب بالرفو وما يؤدي إلى الالتباس .

وكذلك جميع أنواع العقود المؤدية إلى التلبيسات وذلك يطول إحصاؤه .

فليقس بما ذكرناه ما لم نذكره .

التالي السابق


(منكرات الأسواق) *

اعلم أن (من المنكرات المعتادة في الأسواق الكذب في المرابحة وإخفاء العيب) في السلع، (فمن قال: اشتريت هذه السلعة مثلا بعشرة وأربح فيها درهما وكان كاذبا) ، وفي نسخة وقد بعته بربح درهم، وهو كاذب (فهو فاسق وعلى من عرف ذلك أن يخبر المشتري بكذبه فإن سكت مراعاة لقلب البائع كان شريكا له في الخيانة وعصى) الله عز وجل (بسكوته) فإنه يعد ذلك من المداهنة، (وكذا إذا علم به عيبا) أي شيئا من عيب (يلزمه أن ينبه المشتري عليه) أي على ذلك العيب، (وإلا كان راضيا بضياع مال أخيه) المسلم، (وهو حرام، وكذلك التفاوت في الذراع والمكيال والميزان يجب على كل من عرفه تغييره بنفسه) إن قدر، (أو دفعه إلى الوالي حتى يغيره) فيثاب على ذلك، (ومنها ترك) الصيغتين (الإيجاب والقبول) في البيع والشراء، (والاكتفاء بالمعاطاة) فيه على ما عرف حكمه في كتاب تدبير المعاش، (ولكن ذلك في محل الاجتهاد فلا ينكر إلا على من اعتقد وجوبه) ، فيجب على الشافعي أن ينكر على الشافعي إذا رآه كذلك، ولا يجب عليه أن ينكر على الحنفي لأنه يرى جوازه (وكذا في الشروط الفاسدة المعتادة بين الناس) على ما تقدم ذكرها في البيوع (يجب الإنكار فيها فإنها مفسدة للعقود) أو مبطلة على رأي، فإن الحنفي يفرق بين الشروط المفسدة وبين المبطلة على ما تقدم بحثه في البيوع، (وكذا في الربويات كلها وهي غالبة) في الأسواق، (وكذا سائر التصرفات الفاسدة) فإنه يجب الإنكار فيها، (ومنها بيع الملاهي) أي آلاتها كالعود والقانون والطنبور والربابة، (وبيع أشكال الحيوانات المصورة في أيام العيد لأجل الصبيان) أي لعبهم بها، (فلذلك يجب كسرها والمنع من بيعها كالملاهي) بخلاف ما إذا كانت صور القصور والأشجار، (وكذلك بيع الأواني المتخذة من الذهب والفضة) سواء كانت صحونا أو أباريق أو قمائم أو مباخر أو ظروفا أو أغطية، (وكذلك بيع ثياب الحرير وقلانس الذهب والحرير أعني التي لا تصلح للرجال ويعلم بعادة البلد أنه لا يشتريه إلا الرجال، فكل ذلك منكر محظور) يجب المنع (عنه، وكذلك من يعتاد بيع الثياب المبتذلة) المستعملة (المقصورة) المغسولة (التي يلبس على الناس بقصارتها وابتذالها واستعمالها ويزعم أنها جديدة) يوهمهم بذلك ولا سيما إذا نشيت وصقلت، (فهذا الفعل حرام والمنع منه واجب وكذلك تلبيس انخراق الثياب بالرفو) الذي لا يتبين، (وما يؤدي إلى الالتباس) فإنه حرام، وقد سئل عنه الإمام أحمد قال فأجاب كذلك نقله صاحب القوت، ولفظه قال أبو بكر المروزي: سألت أبا عبد الله: رفاء يرفو الوسائط والأنماط للتجار وهم يبيعون ولا يخبرون بالرفو، قال: يعمل العمل الذي يتبين لا الخفي الذي لا يتبين إلا لمن يثق به، (وكذلك جميع أنواع العقود المؤدية إلى التلبيسات وذلك) كثير (يطول إحصاؤه فليقس بما ذكرناه ما لم نذكره) وجملة من ذلك ذكرها ابن الحاج في المدخل .




الخدمات العلمية