وعن عبد الله بن مهران قال حج الرشيد فوافى الكوفة فأقام بها أياما ثم ضرب بالرحيل فخرج الناس وخرج بهلول المجنون فيمن خرج بالكناسة والصبيان يؤذونه ، ويولعون به إذ أقبلت هوادج هارون فكف الصبيان عن الولوع به فلما جاء هارون نادى بأعلى صوته : يا أمير المؤمنين ، فكشف هارون السجاف بيده عن وجهه ، فقال : لبيك يا بهلول فقال : يا أمير المؤمنين حدثنا أيمن بن نائل عن قدامة بن عبد الله العامري قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم منصرفا من عرفة على ناقة له صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك وتواضعك في سفرك هذا يا أمير المؤمنين خير لك من تكبرك وتجبرك قال : فبكى هارون حتى سقطت دموعه على الأرض ، ثم قال : يا بهلول زدنا رحمك الله قال : نعم يا أمير المؤمنين رجل آتاه الله مالا وجمالا فأنفق من ماله وعف في جماله كتب في خالص ديوان الله تعالى مع الأبرار .
قال : أحسنت يا بهلول ودفع له جائزة فقال: اردد : الجائزة إلى من أخذتها منه فلا حاجة لي فيها ، قال : يا بهلول فإن كان عليك دين قضيناه ، قال : يا أمير المؤمنين هؤلاء أهل العلم بالكوفة متوافرون قد اجتمعت آراؤهم أن قضاء الدين بالدين لا يجوز، قال : يا بهلول فنجري عليك ما يقوتك أو يقيمك ، قال : فرفع بهلول رأسه إلى السماء ثم قال : يا أمير المؤمنين أنا وأنت من عيال الله فمحال أن يذكرك وينساني .
قال: فأسبل هارون السجاف ومضى .


