فشرط المريد العزبة في الابتداء إلى أن يقوى في المعرفة هذا إذا لم تغلبه الشهوة ، فإن غلبته الشهوة فليكسرها بالجوع الطويل والصوم الدائم فإن لم تنقمع الشهوة بذلك ، وكان بحيث لا يقدر على حفظ العين مثلا وإن قدر على حفظ الفرج فالنجاح ، له أولى ؛ لتسكن الشهوة وإلا فمهما لم يحفظ عينه لم يحفظ عليه فكره .
ويتفرق عليه همه وربما وقع في بلية لا يطيقها وزنا العين من كبائر الصغائر وهو يؤدي إلى ، القرب على الكبيرة الفاحشة ، وهي زنا الفرج ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ فرجه قال عيسى عليه السلام : " إياكم والنظرة ؛ فإنها تزرع في القلب شهوة ، وكفى بها فتنة ". وقال سعيد بن جبير إنما جاءت الفتنة لداود عليه السلام من قبل النظرة ولذلك قال لابنه عليه السلام : " يا بني ، امش خلف الأسد والأسود ولا تمش خلف المرأة ". وقيل ليحيى عليه السلام : ما بدء الزنا ؟ قال : النظر والتمني، وقال الفضيل يقول إبليس هو : قوسي القديمة وسهمي الذي لا أخطئ به يعني النظر ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، فمن تركها خوفا من الله تعالى أعطاه الله تعالى إيمانا يجد حلاوته في قلبه " وقال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء .
" وقال صلى الله عليه وسلم : اتقوا فتنة الدنيا ، وفتنة النساء ؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من قبل النساء وقال تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية وقال صلى الله عليه وسلم : " لكل ابن آدم حظ من الزنا ، فالعينان تزنيان وزناهما النظر ، واليدان تزنيان وزناهما البطش ، والرجلان تزنيان وزناهما المشي ، والفم يزني وزناه القبلة ، والقلب يهم أو يتمنى ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه وقالت أم سلمة استأذن ابن أم مكتوم الأعمى على رسول الله وأنا وميمونة جالستان، فقال صلى الله عليه وسلم : احتجبا فقلنا: أوليس : بأعمى لا يبصر ؟ فقال : وأنتما لا تبصرانه ؟ وهذا يدل على أنه لا يجوز للنساء مجالسة العميان ، كما جرت به العادة في المآتم والولائم فيحرم على الأعمى الخلوة بالنساء ويحرم على المرأة مجالسة الأعمى وتحديق النظر إليه لغير حاجة وإنما جوز للنساء محادثة الرجال والنظر إليهم لأجل عموم الحاجة .


