الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث : الاستفتاء ، كما يقول للمفتي : ظلمني أبي ، أو زوجتي ، أو أخي فكيف ، طريقي في الخلاص ؟ والأسلم التعريض بأن يقول : ما قولك في رجل ظلمه أبوه أو أخوه أو زوجته ولكن التعيين مباح بهذا القدر ، لما روي عن هند بنت عتبة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني أنا وولدي ، أفآخذ من غير علمه فقال ؟ خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف فذكرت الشح والظلم لها ولولدها ، ولم يزجرها صلى الله عليه وسلم ; إذ كان قصدها الاستفتاء .

التالي السابق


( الثالث: الاستفتاء ، كما يقول للمفتي: قد ظلمني أبي، أو زوجتي، أو أخي، وكيف طريقي في الخلاص؟ والأسلم) في هذا (التعريض) دون التصريح (بأن يقول: ما قولك) أو كيف تقول (في رجل ظلمه أبوه) أو أخوه (أو زوجته) أو أخذ مال ابنه ظلما، أو أخذت مال زوجها بغير إذنه؛ لأجل بخله، (ولكن التعيين مباح بهذا القدر، لما روي عن هند بنت عتبه) بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية العبشمية، والدة معاوية بن أبي سفيان ، أخبارها قبل الإسلام مشهورة، وشهدت أحدا مع المشركين، وفعلت ما فعلت بحمزة ، ثم كانت تؤلب على المسلمين، إلى أن جاء الله بالفتح، فأسلم زوجها أبو سفيان ، ثم أسلمت هي يوم الفتح، وقصتها في قولها عند بيعة النساء ألا يسرقن ولا يزنين، فقالت: وهل تزني الحرة؟ وعند قوله: ولا يقتلن أولادهن ، قد ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا، مشهورة، ومن طرقه ما أخرجه ابن سعد بسند صحيح مرسل عن الشعبي ، وعن ميمون بن مهران قال الواقدي : لما أسلمت هند جعلت تضرب صنما لها في بيتها بالقدوم حتى فلذته فلذة فلذة، وتقول: كنا منك في غرور. قيل: إنها بقيت إلى خلافة عثمان ، وبه جزم ابن سعد (أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان ) تعني زوجها (رجل شحيح) أي: بخيل إلى الغاية (لا يعطيني ما يكفيني أنا وولدي، أفآخذ من) ماله من (غير علمه؟) هل علي في ذلك من حرج (قال) لها صلى الله عليه وسلم: (خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف) ، رواه البخاري ومسلم بلفظ: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك وولدك" ، وهو من رواية هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة . قال الحافظ في الإصابة: وشذ عبد الله بن محمد بن عروة فقال: عن هشام عن أبيه، عن هند ، أخرجه ابن منده ، وفيه قصة البيعة، وفيه: "فقالت: إن أبا سفيان رجل بخيل، ولا يعطيني ما يكفيني إلا ما أخذت منه من غير علمه" . الحديث، وفيه من مرسل الشعبي : "قالت هند : كنت قد اقتنيت من مال أبي سفيان ، فقال أبو سفيان : ما أخذت من مالي فهو حلال، (فذكرت الشح والظلم لها ولولدها، ولم يزجرها صلى الله عليه وسلم; إذ كان قصدها الاستفتاء) لا الحكومة والدعوى .




الخدمات العلمية