nindex.php?page=treesubj&link=28659_28446_31913وأشهر من عرف تجاهله وتظاهره بإنكار الصانع فرعون، وقد كان مستيقنا في الباطن، كما قال له
موسى: nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=102لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر [سورة الإسراء:102].
[ ص: 39 ]
وقال تعالى عنه وعن قومه:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا [سورة النمل:14].
ولهذا قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=23وما رب العالمين [سورة الشعراء:23] على وجه الإنكار له، قال له موسى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=24رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=25قال لمن حوله ألا تستمعون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=26قال ربكم ورب آبائكم الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=27قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=28قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون [سورة الشعراء:24-28] .
وقد زعم طائفة أن
فرعون استفهم استفهام استعلام، فسأله عن الماهية، وأن المسئول عنه لما لم يكن له ماهية عجز
موسى عن الجواب.
وهذا غلط وعلى هذا التقدير يكون استفهم استفهام إنكار وجحد، كما دل سائر آيات القرآن على أن
فرعون كان جاحدا لله نافيا له، لم يكن مثبتا له، طالبا للعلم بماهيته.
فلهذا بين لهم
موسى أنه معروف، وأن آياته ودلائل ربوبيته أظهر وأشهر من أن يسأل عنه بما هو، فإن هذا إنما هو سؤال عما يجهل، وهو سبحانه أعرف وأظهر وأبين من أن يجهل، بل معرفته مستقرة في الفطرة أعظم من معرفة كل معروف، وهو سبحانه له المثل الأعلى في السماوات والأرض، وهو في السماء إله وفي الأرض، فأهل السماوات والأرض يعرفونه ويعبدونه، وإن كان أكثر أهل الأرض، كما قال
[ ص: 40 ] تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=106وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون [سورة يوسف:106].
ولهذا قالت الأنبياء عليهم السلام لأممهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10أفي الله شك فاطر السماوات والأرض [سورة إبراهيم:10] وهذا استفهام إنكار يتضمن النفي، ويبين أنه ليس في الله شك.
nindex.php?page=treesubj&link=28659_28446_31913وَأَشْهَرُ مَنْ عُرِفَ تَجَاهُلُهُ وَتَظَاهُرُهُ بِإِنْكَارِ الصَّانِعِ فِرْعَوْنُ، وَقَدْ كَانَ مُسْتَيْقِنًا فِي الْبَاطِنِ، كَمَا قَالَ لَهُ
مُوسَى: nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=102لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ [سُورَةِ الْإِسْرَاءِ:102].
[ ص: 39 ]
وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُ وَعَنْ قَوْمِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [سُورَةِ النَّمْلِ:14].
وَلِهَذَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=23وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [سُورَةِ الشُّعَرَاءِ:23] عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ لَهُ، قَالَ لَهُ مُوسَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=24رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=25قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=26قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=27قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=28قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [سُورَةِ الشُّعَرَاءِ:24-28] .
وَقَدْ زَعَمَ طَائِفَةٌ أَنَّ
فِرْعَوْنَ اسْتَفْهَمَ اسْتِفْهَامَ اسْتِعْلَامٍ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْمَاهِيَّةِ، وَأَنَّ الْمَسْئُولَ عَنْهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَاهِيَّةٌ عَجَزَ
مُوسَى عَنِ الْجَوَابِ.
وَهَذَا غَلَطٌ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ اسْتَفْهَمَ اسْتِفْهَامَ إِنْكَارٍ وَجَحْدٍ، كَمَا دَلَّ سَائِرُ آيَاتِ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّ
فِرْعَوْنَ كَانَ جَاحِدًا لِلَّهِ نَافِيًا لَهُ، لَمْ يَكُنْ مُثْبِتًا لَهُ، طَالِبًا لِلْعِلْمِ بِمَاهِيَّتِهِ.
فَلِهَذَا بَيَّنَ لَهُمْ
مُوسَى أَنَّهُ مَعْرُوفٌ، وَأَنَّ آيَاتِهِ وَدَلَائِلُ رُبُوبِيَّتِهِ أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ بِمَا هُوَ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ سُؤَالٌ عَمَّا يُجْهَلُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَعْرَفُ وَأَظْهَرُ وَأَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُجْهَلَ، بَلْ مَعْرِفَتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ فِي الْفِطْرَةِ أَعْظَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ كُلِّ مَعْرُوفٍ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ، فَأَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَعْرِفُونَهُ وَيَعْبُدُونَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْأَرْضِ، كَمَا قَالَ
[ ص: 40 ] تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=106وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [سُورَةُ يُوسُفَ:106].
وَلِهَذَا قَالَتِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لِأُمَمِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ:10] وَهَذَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ يَتَضَمَّنُ النَّفْيَ، وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّهِ شَكٌّ.