تنبيهات :
الأول : قال الإمام النووي ، والطبري ، والطيبي ، وأبو الحسن بن الضحاك رحمهم الله تعالى : إن سورا لفظة فارسية ، وقد تظاهرت أحاديث صحيحة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بألفاظ فارسية ، وهو يدل على جوازه ، قال الطبري : السور بغير همز الصنيع من الطعام الذي يدعى [ ص: 134 ] إليه ، وقيل الطعام مطلقا ، وهو بالفارسية ، وقيل بالحبشية ، وبالهمز بقية الشرب ، والأول : هو المراد هنا .
قال الإسماعيلي : السور كلمة بالفارسية والعربية ، فقيل له : أليس هو الفضلة ؟ فإن لم يكن هناك شيء فضل ذلك منه إنما هو بالفارسية من أتى دعوة .
الثاني : قال الحافظ رحمه الله تعالى : أشار البخاري رحمه الله تعالى إلى ضعف ما ورد من الأحاديث في كراهة الكلام بالفارسية كحديث : «كلام أهل النار بالفارسية» ، وكحديث : «من تكلم بالفارسية زادت ، أو نقصت مروءته» رواه الحاكم في مستدركه ، وروى عنه أيضا عن عمر مرفوعا : «من أحسن العربية فلا يتكلم بالفارسية» وسنده واه .
الثالث : نازع الكرماني رحمه الله تعالى في كون هذه الألفاظ الثلاثة عجمية؛ لأن الأول يجوز أن يكون من توافق اللغتين ، والثاني يجوز أن يكون أصله حسنة ، فحذف أوله إيجازا ، والثالث من أسماء الأصوات .
وأجاب ابن المنير عن الآخر فقال : وجه مناسبته أنه صلى الله عليه وسلم خاطبه بما يفهمه مما لا يتكلم به الرجل مع الرجل ، فهو كمخاطبة الأعجمي بما لا يفهم مما لا يكلمه من لقيه ، قال الحافظ : وبهذا يجاب عن الباقي ، ويزاد بأن تجويز حذف أول جزء من كلمة لا يعرف .
الرابع : قوله لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه : «أشكنب درد» قال الشمني في حاشيته الشفا : بفتح الهمزة ، وسكون المعجمة ، وفتح الكاف بعدها نون ساكنة ، فموحدة ، كذلك ، فدالين مهملتين ، أولاهما مفتوحة وبينهما راء : وأشكنب معناه بالفارسية البطن ودرد الوجع ، لم يتعرض ابن الملقن ، ولا شيخنا الجلال الأسيوطي في تعليقهما على سنن ابن ماجه بصحة ذلك ، ولا ذكر له في النهاية لابن الأثير .
الخامس : قال أبو الفرج بن الجوزي في الجامع : حديث أبي هريرة -أي الأخير- قد روي من طريق لا يعرف ، مدارها على ليث بن أبي سليم ، وكان قد اختلط في آخر عمره .
قال ابن الأصبهاني : ليس له ، بل أبو هريرة لم يكن فارسيا ، وإنما مجاهد فارسي ، فعلى هذا يكون المتكلم بالفارسية أبو هريرة مع مجاهد ، وقوله أشكنب درد فارسية ، ومعناها أشتكيت بطنك ؟ انتهى .
قلت : فيما قاله نظر؛ لأن في قوله : إن أبا هريرة لم يكن فارسيا ، ثم قال : فعلى هذا يكون المتكلم بالفارسية أبا هريرة مع مجاهد تناقض ، فليتأمل .
السادس : في بيان غريب ما سبق :
الفارسية : بفاء ، فألف ، فراء ، فسين مهملة مكسورة ، فتحتية مفتوحة : لغة منسوبة إلى [ ص: 135 ] فارس ، وهم جيل من الناس معروف .
الرطانة : براء بفتح وبكسر ، فطاء مهملة ، فألف ، فنون ، فتاء تأنيث : كلام لا يفهمه الجمهور ، إنما هو ملصق بين اثنين ، أو جماعة ، والعرب تحقق به كلام العجم .
سورا : بسين مهملة مضمومة ، فواو ، فألف : طعاما ، لفظة فارسية .
زبرني : بزاي ، فموحدة ، فراء مفتوحات ، فنون ، فتحتية ، انتهرني ، وأغلظ لي في القول .
أبلي وأخلقي .
كخ كخ : بفتح الكاف وكسرها ، وسكون المعجمة ، مثقلا ، ومخففا ، وبكسرها منونة ، وغير منونة ، فيخرج من ذلك ست لغات ، والثاني ، وهي كلمة تقال لردع الصبي عند تناوله ما يستقذر ، وقيل : عربية ، وقيل : أعجمية ، وزعم بعضهم أنها معربة ، أوردها البخاري في باب من تكلم بالفارسية . [ ص: 136 ]


