الباب الثالث في مشيه صلى الله عليه وسلم
وفيه أنواع :
الأول : في هيأته .
روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : ما رأيت أحدا أسرع مشية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما الأرض تطوى له : كنا إذا مشينا معه نجهد أنفسنا وأنه لغير مكترث .
وروى أبو بكر بن أبي شيبة عنه قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة ، أمشي فإذا مشيت سبقني فأهرول فأسبقه ، فالتفت إلى رجل لجنبي فقلت : تطوى الأرض له وللخليل إبراهيم عليهما السلام .
وروى أبو داود عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى يتوكأ .
وروى ابن سعد وأبو الحسن بن الضحاك عن أبي الحكم سيار بن أبي سيار قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى مشى مشي السوقي ، ليس بالعاجز ولا الكسلان .
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل .
وروى ابن سعد عن مرثد بن أبي مرثد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى أسرع حتى يهرول الرجل فلا يدركه .
وروى ابن سعد عن علي رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحدر من صبب وإذا مشى كأنما يتقلع من صخرة .
وروى البخاري في الأدب وابن سعد عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحدر من صبب وإذا مشى فكأنما يمشي في صعد .
وروى ابن سعد عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب . [ ص: 159 ]
وروى أيضا عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تقلع كأنما ينحدر من صبب .
وروى أيضا عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ .
وروى أيضا عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ .
وروى أيضا عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ حين يمشي في صعود .
وروى البيهقي عن هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى مال تقلعا يتكفأ تكفؤا ، ويمشي هونا ذريع المشية كأنما ينحط من صبب ، وفي لفظ كأنما يهوي في صبب ، إذا التفت التفت جميعا ، يسوق أصحابه ويبدر ، وفي لفظ : يبدأ من لقيه بالسلام .
وروى ابن الضحاك في الشمائل عن علي رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صعد .
وروى ابن سعد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل .
وروى أيضا عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى هرول الناس وراءه .
وروى الإمام أحمد والبيهقي عن عبد الله بن عمر [و] عمر رضي الله تعالى عنهما قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فرجع من رجع ، وعقب من عقب ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا قد حفزه النفس قد حسر عن ركبتيه ، فقال : «أبشروا ، هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء ، يباهي بكم الملائكة» ، يقول : انظروا عبادي قد قضوا فريضة ربهم ينتظرون أخرى .
الثاني : في التفاته .
روى ابن سعد عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلتفت إذا مشى ، وكان ربما تعلق رداؤه بالشجرة أو بالشيء فلا يلفت ، وكانوا يضحكون ، وكانوا قد أمنوا التفاته .
وروى البخاري في الأدب ، وابن سعد عن علي رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التفت التفت جميعا . [ ص: 160 ]
وروى ابن سعد عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل جميعا ، ويدبر جميعا .
وروى أيضا عن هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنها قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التفت التفت جميعا ، وإذا أدبر أدبر جميعا .
وروى أبو بكر بن أبي خيثمة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التفت التفت جميعا ، وإذا أدبر أدبر جميعا .
وروى أبو الحسن بن الضحاك عنها أيضا قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلمح بمؤخر عينيه ولا يلفت .
وروى ابن سعد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل معا ، ويدبر معا .
وروى أيضا عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التفت التفت جميعا .
وروى أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلتفت إلا جميعا .
الثالث : في مشيه صلى الله عليه وسلم حافيا وناعلا .
روى البزار برجال ثقات عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي حافيا وناعلا .
الرابع : في مشيه القهقرى لأمر .
روي عن علي رضي الله تعالى عنه وروى الترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : جئت يوما من خارج ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت ، والباب عليه مغلق فاستفتحت فتقدم ففتح لي ، ثم رجع القهقرى إلى الصلاة ، فأتم صلاته .
الخامس : في مشيه صلى الله عليه وسلم آخذا بيد أصحابه ، ومتكئا على بعضهم .
روى الإمام أحمد برجال ثقات عن بريدة الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال : خرجت ذات يوم في حاجة ، وإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم يمشي بين يدي ، فأخذ بيدي ، فانطلقنا نمشي جميعا فذكر الحديث .
وروي أيضا عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
«يا أبا أمامة : من المؤمنين من يلين له قلبي» . [ ص: 161 ]
وروى أيضا عن أبي برزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلي فأتيته فأخذ بيدي فانطلقنا نمشي جميعا ، وذكر الحديث .
وروى الإمام أحمد والبخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب ، فأخذ بيدي ، فمشيت معه حتى بعد وذكر الحديث .
وروى الإمام أحمد والطبراني برجال ثقات عن بشير بن الخصاصية رضي الله تعالى عنه قال : كنت أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيده ، فقال : «يا ابن الخصاصية ما أصبحت تنقم على الله تبارك وتعالى ، وأصبحت تماشي رسوله آخذا بيده ؟ » قلت : ما أصبحت أنقم على الله تعالى شيئا ، قد أعطاني الله تعالى كل خير .
وروى الطبراني بسند جيد عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد أبي ذر رضي الله تعالى عنه ، فقال : «يا أبا ذر أعلمت أن بين أيدينا عقبة كؤودا لا يصعدها إلا المخفون الحديث» .
السادس : في مشيه صلى الله عليه وسلم وراء أصحابه .
روى أبو بكر بن أبي شيبة ، والإمام أحمد ، والحارث بن أبي أسامة عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون أمامه ويدعون ظهره للملائكة .
وروى أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «امشوا خلفي أو خلوا ظهري للملائكة» .
السابع : في إسراعه صلى الله عليه وسلم المشي .
روى الإمام أحمد وأبو يعلى بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بجدار مائل فأسرع المشي فقيل له ، فقال : «إني أكره موت الفوات» .
وروى البخاري في الأدب عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا ، ونحن قعود حتى أفزعنا سرعته إلينا فلما انتهى إلينا سلم ، ثم قال : «قد [ ص: 162 ] أقبلت إليكن مسرعا لأخبركم بليلة القدر فنسيتها فيما بيني وبينكم ، فالتمسوها في العشر الأواخر» .


