جماع أبواب القضاة والفقهاء والمفتين وحفاظ القرآن من أصحابه في أيامه- صلى الله عليه وسلم- وذكر وزرائه وأمرائه وعماله على البلاد وخلفائه على المدينة إذا سافر 
الباب الأول في ذكر قضاته- صلى الله عليه وسلم-  
روى  الإمام أحمد   وعبد بن حميد   والترمذي   وأبو يعلى   وابن حبان  عن عبد الله بن موهب  بفتح الميم وسكون الواو وفتح الهاء وبالموحدة- رحمه الله تعالى  - أن  عثمان   - رضي الله تعالى عنه- قال  لابن عمر   - رضي الله تعالى عنهما- : اقض بين الناس ، قال : لا أقضي بين رجلين ، لا أرى منهما ، قال : فإن أباك كان يقضي ، قال : إن أبي كان يقضي فإن أشكل عليه شيء ، سأل النبي- صلى الله عليه وسلم- فإن أشكل على النبي- صلى الله عليه وسلم- شيء سأل عنه جبريل  ، وأنا لا أجد من أسأله وإني لست مثل أبي  . 
وروى  الطبراني  برجال الصحيح عن  مسروق  قال : كان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-  عمر   وعلي   وعبد الله بن مسعود   وأبي بن كعب   وزيد بن ثابت   وأبو موسى الأشعري   . 
وروى  الإمام أحمد  برجال الصحيح  وأبو يعلى   والدارقطني  بسند حسن صحيح عن  عقبة بن عامر   - رضي الله تعالى عنه- قال : جاء خصمان إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يختصمان ، فقال : 
قم يا عقبة  ، اقض بينهما ، فقلت : بأبي وأمي أنت ، يا رسول الله ، أنت أولى بذلك مني ، قال : 
وإن كان فاقض بينهما ، قلت : فإذا قضيت بينهما فما لي ، وفي لفظ : فقال : «أقضي بينهما على ماذا» ؟ قال : «اجتهد فإن أصبت فلك عشرة أجور» وفي لفظ : «عشر حسنات» ، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد»  . 
انتهى . 
وروى  الإمام أحمد   وأبو يعلى   والحاكم  عن  عبد الله بن عمرو بن العاص  ،  والإمام أحمد   والطبراني  عن  عمر   - رضي الله تعالى عنه- قال : جاء خصمان إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال  لعمر   : اقض بينهما ، فقال : أنت أولى بذلك مني يا رسول الله قال : وإن كان . قال : أقضي وأنت حاضر ؟ قال : نعم ، قال : فإذا قضيت بينهما فما لي ؟ قال : إن أنت قضيت بينهما فأصبت القضاء فلك عشر حسنات وفي لفظ : «عشرة أجور ، وإن أنت اجتهدت فأخطأت فلك حسنة» وفي لفظ : «أجر»  .  [ ص: 326 ] 
وروى الإمام الطبراني   والحاكم  عن معقل  ، بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف وباللام ، ابن يسار بفتح المثناة التحتية وبالسين المهملة المزني  بضم الميم ، وفتح الزاي وبالنون- رضي الله تعالى عنه- قال : أمرني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن أقضي بين قوم فقلت : ما أحسن أن أقضي يا رسول الله! قال : إن الله مع القاضي ما لم يحف عمدا  . 
وروى  الإمام أحمد   وأبو داود   والترمذي   وابن ماجه  عنه قال : بعثني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على اليمن  قاضيا ، وأنا حديث السن ، قال : قلت يا رسول الله ، أتبعثني وأنا الشاب أقضي ولا أدري ما القضاء! وفي لفظ «تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث» ، فضرب بيده على صدري ، وقال : اللهم اهد قلبه ، وثبت لسانه وقال : إن الله تعالى سيهدي قلبك ويثبت لسانك ، قال : فما شككت في قضاء بين اثنين  . 
وروى الحارث بن عمر  عن  معاذ   - رضي الله تعالى عنه- . 
وروى سعد بن عمر بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة  عن أبيه عن جده قال : وجدنا في كتب  سعد بن عبادة   - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أمر عمارة بن حزم  أن يقضي باليمين مع الشاهد  . 
وروى  الدارقطني  عن جارية- بالجيم- ابن ظفر بالظاء المعجمة المشالة  أن قوما اختصموا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في خص كان بينهم فبعث  حذيفة   - رضي الله تعالى عنه- يقضي بينهم ، فقضى للذي يليهم القمط ، ثم رجع إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال : أصبت أو أحسنت  . 
تنبيه : 
قول  عثمان   - رضي الله تعالى عنه- «فإن أباك كان يقضي بين الناس» يريد أنه كان يقضي في بعض الأمور في أوقات مختلفات لا أنه كان يقضي دائما ، كما دل عليه قول  عمر  ، وإنما استقضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جماعة في أشياء خاصة ، ولم يستقض شخصا معينا في القضاء بين الناس ، والدليل على ذلك حديث  ابن عمر   - رضي الله تعالى عنهما- «ما اتخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قاضيا ، ولا  أبو بكر  ، ولا  عمر  حتى كان في آخر زمانه ، قال ليزيد بن أخت نمير   : اكفني بعض الأمور  . 
رواه أبو يعلى الموصلي  ورجاله رجال الصحيح . 
وروى  الطبراني  بسند جيد عن  السائب بن يزيد  أن النبي- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر  لم يتخذا قاضيا وأول من استقضى  عمر  ، قال : رد عني الناس في الدرهم والدرهمين  .  [ ص: 327 ] 
والجواب عن ذلك : أنه- صلى الله عليه وسلم- لم يستقض جماعة في أشياء خاصة . 
[شرح غريب ما سبق] 
القمط : وروي بضم القاف والميم وبالطاء المهملة ، جمع قماط بكسر القاف وهي الشرط بضم الشين المعجمة والراء جمع شريط ، وهو ما يشد به الخص ويوثق به من ليف أو خوص أو غيرهما ، وقيل : القمط : الخشب الذي يكون على ظاهر الخص ، أو باطنه ومعاقد القمط تلي صاحب الخص وهو البيت الذي يعمل من القصب . 
الحرادى : بفتح الحاء والدال المهملتين ، جمع حردى بضم أوله وسكون ثانيه وهي حزمة من قصب يلقى على حسب السقف .  [ ص: 328 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					