الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيه :

                                                                                                                                                                                                                              الصواب أن هذا الحديث سنده قريب من الحسن ، والحكم عليه بالوضع خطأ ، كما بسطت الكلام على ذلك في كتابي "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس عشر : في كيفية حشرها رضي الله تعالى عنها

                                                                                                                                                                                                                              روى تمام في الفوائد والحاكم والطبراني عن علي ، وأبو بكر الشافعي عن أبي هريرة ، وتمام عن أبي أيوب ، وأبو الحسين بن بشران ، والخطيب عن عائشة ، والأزدي عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنهم- بأسانيد ضعيفة ، إذا ضم بعضها إلى بعض أفاد القبول ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أيها الناس" ، وفي لفظ : "يا أهل الجمع ، غضوا أبصاركم ، ونكسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد إلى الجنة" وفي لفظ : "حتى تمر على الصراط" فتمر ، وعليها ريطتان خضروان .

                                                                                                                                                                                                                              السادس عشر : في أولادها رضي الله تعالى عنهم

                                                                                                                                                                                                                              قال الليث بن سعد -رحمه الله تعالى- : تزوج علي فاطمة -رضي الله تعالى عنهما- فولدت حسنا وحسينا ومحسنا -بميم مضمومة فحاء مفتوحة فسين مكسورة مشددة مهملتين ، [ ص: 51 ] رضي الله تعالى عنهم- وزينب وأم كلثوم ورقية -رضي الله تعالى عنهن- مات محسن سقطا ، وأم كلثوم كانت عند عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وولدت ولدا ، قال أبو عمر : ولدت أم كلثوم بنت فاطمة -رضي الله تعالى عنهما- قبل وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتزوجت زينب بنت فاطمة -رضي الله تعالى عنها- عبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنهما- فماتت عنده ، وقد ولدت له عليا وعونا وجعفرا وعباسا وأم كلثوم أبناء عبد الله بن جعفر .

                                                                                                                                                                                                                              قال الشيخ -رحمه الله تعالى- في فتاويه : أولاد زينب المذكورة من عبد الله بن جعفر موجودون بكثرة ، وتكلم عليهم من عشرة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                              أحدها : أنهم من آل النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته بالإجماع؛ لأن آله هم المؤمنون من بني هاشم والمطلب .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : أنهم من ذريته بالإجماع .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : أنهم هل يشاركون أولاد الحسن والحسين في أنهم ينسبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ والجواب : لا ، وفرق بين من يسمى ولدا للرجل ، وبين من ينسب إليه .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : هل يطلق عليهم أشراف ؟

                                                                                                                                                                                                                              الجواب : الشرف على مصطلح أهل مصر أنواع : عام لجميع أهل البيت ، وخاص بالذرية ، فيدخل فيه الزينبية ، وأخص منه شرف النسبة ، وهو مختص بذرية الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : تحرم عليهم الصدقة بالإجماع؛ لأن بني جعفر من الآل .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : يستحقون سهم ذوي القربى بالإجماع .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : يستحقون من وقف بركة الحبش بالإجماع؛ لأنها وقفت نصفها على الأشراف ، وهم أولاد الحسن والحسين ونصفها على الطالبيين ، وهم ذرية علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنهم- من محمد ابن الحنفية وأخويه ، وذرية جعفر بن أبي طالب ، وذرية عقيل بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- هذا الوقف على هذا الوجه على قاضي القضاة بدر الدين بن يوسف السنجاوي في ثاني عشر ربيع الآخر سنة أربعين وستمائة ، ثم اتصل ثبوته على شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام تاسع عشر ربيع الآخر من السنة المذكورة ، ثم اتصل ثبوته على قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ، ذكر ذلك ابن المتوج في كتابه "إيقاظ المتغفل واتعاظ المتوسل" .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 52 ] الثامن : هل يلبسون العلامة الخضراء ؟

                                                                                                                                                                                                                              والجواب : لا يمنع منها من أرادها من شريف أو غيره ، ولا يؤمر بها من تركها من شريف أو غيره؛ لأنها إنما أحدثت سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بأمر الملك الأشرف شعبان بن حسين . أقصى ما في الباب أنه أحدث ليتميز به هؤلاء عن غيرهم ، وقد يستأنس لاختصاصها بهم بقوله تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [الأحزاب : 59] فقد استدل بها بعض العلماء على تخصيص أهل العلم بلباس يختصون به من تطويل الأكمام ، وإدارة الطيلسان ونحو ذلك؛ ليعرفوا فيجلوا تكريما للعلم ، وهذا وجه حسن . والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              التاسع : هل يدخلون في الوصية على الأشراف أم لا ؟

                                                                                                                                                                                                                              العاشر : هل يدخلون في الوقف على الأشراف أم لا ؟

                                                                                                                                                                                                                              والجواب : إن وجد في كلام الموصي والواقف نص يقتضي دخولهم أو خروجهم اتبع ، وإن لم يوجد فيه ما يدل على هذا ولا هذا فقاعدة الفقه أن الوصية والوقف ينزل على عرف البلد ، وعرف مصر من عهد الخلفاء الفاطميين إلى الآن : أن الشريف لقب لكل حسني وحسيني خاصة ، فلا يدخلون على مقتضى هذا العرف ، وإنما دخلوا في وقف بركة الحبش؛ لأن واقفها نص في وقفه على أن نصفها للأشراف ونصفها للطالبيين .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية