الباب الثاني في حصيره ، وفراشه ، ولحافه ، ووسادته ، وقطيفته ، وبساطه ، ونطعه صلى الله عليه وسلم 
روى  البخاري  عن  عائشة  رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجز حصيرا بالليل فيصلي عليه ويبسطه بالنهار  ، فيجلس عليه  . 
وروى  ابن المبارك  في الزهد عن  عبد الله بن مسعود  رضي الله تعالى عنه قال : اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر الحصير بجلده ، فلما استيقظ جعلت أمسح عنه وأقول : يا رسول الله ألا أخبرتنا قبل أن تنام على هذا الحصير نبسط لك شيئا يقيك منه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما لي وللدنيا ، ما أنا إلا كراكب استظل تحت ، أو في ظل شجرة ، ثم راح وتركها »  . 
وروى أبو الحسن بن الضحاك  عن  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما قال : دخل عمر بن الخطاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو نائم على حصير ، فأثر في جنبه ، فقال : يا رسول الله ، لو اتخذت فراشا أوثر من هذا ، فقال : «ما لي وللدنيا ، والذي نفسي بيده ، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف ، فاستظل تحت شجرة ساعة ، ثم راح وتركها » ، تقدم في باب زهده بطرقه . 
وروى  سعيد بن منصور  عن  عائشة  رضي الله تعالى عنها قالت : كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم رثا غليظا ، فأردت أن أجعل له فراشا آخر ليكون أوطأ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلته ، فجاء فقال : «ما هذا يا عائشة ؟ » قلت : يا رسول الله رأيت فراشك رثا غليظا فأردت أن يكون هذا أوطأ لك ، فقال : «أخريه اثنتين ، والله لا أقعد عليه حتى ترفعيه » قالت : فرفعت الأعلى الذي صنعت  . 
وروى أبو بكر البزار  عنها قالت : ما رأيت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بكيت ، أو ما كان إلا أدما حشوه ليف  . 
وروى  مسلم   وأبو مسلم الكجي  ،  والبرقاني  عن  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما قالت : كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم  الذي ينام عليه من أدم ، حشوه ليف  . 
وروى  أبو داود  بلفظ : كانت ضجعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم ، حشوها ليف  . 
وروى ابن سعد   وأبو الشيخ   والحسن بن عرفة  عنها قالت : دخلت علي امرأة من الأنصار ، فرأت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم عباءة مثنية ، فانطلقت ، فبعثت إلي فراشا حشوه الصوف  [ ص: 357 ] فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «ما هذا يا عائشة ؟ » قلت : إن فلانة الأنصارية دخلت علي فرأت فراشك ، فذهبت فبعثت إلي بهذا فقال : «رديه » فلم أرده ، وأعجبني أن يكون في بيتي ، حتى قال لي ذلك ثلاث مرات ، فقال : «رديه يا عائشة ، فوالله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة » ، قالت فرددته  . 
وروى  ابن عدي  عن  عبد الله بن الزبير  رضي الله تعالى عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم بارد في حاجة ، فجئت ، ومعه بعض نسائه في لحاف ، فأدخلني في لحافه  . 
وروي عن أبي قلابة  عن بعض آل أم سلمة  قال : كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما يوضع للإنسان في قبره ، وكان المسجد عند رأسه  . 
وروى أبو بشر الدولابي   وابن عساكر  عن  عائشة  رضي الله تعالى عنها قالت : كان ضجاع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه بالليل وسادة من أدم ، حشوها ليف  . 
وروى أبو بشر الدولابي   وأبو الشيخ  وغيرهما عن  أنس  رضي الله تعالى عنه قال : حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رث وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم  ، وقال : «اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة »  . 
وروى  أبو نعيم  عن أبي ذر  وأبي هريرة  رضي الله تعالى عنهما قال : إنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه ، إذ أقبل رجل من أحسن الناس وجها ، وأطيب الناس ريحا ، وأنقى الناس ثيابا ، كأن ثيابه لم تدنس ، حتى سلم من طرف البساط ، فقال : السلام عليك يا محمد  فرد عليه السلام ، وذكر الحديث في مجيء جبريل  عليه السلام  . 
وروى أبو الحسن بن الضحاك  عن  أنس  رضي الله تعالى عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطجع على نطع فعرق ، فقامت أم سليم فصنعته ، فجعلته في قارورة ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «ما هذا الذي تصنعين يا أم سليم ؟ » قالت : أجعل عرقك في طيبي ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم   . 
وروى أيضا عن  ابن مسعود  رضي الله تعالى عنه قال : جاء رجل من مراد يقال له صفوان ابن عساكر  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على بردعة حمراء في المسجد  - الحديث . 
وروى  ابن أبي شيبة  عن  عائشة  رضي الله تعالى عنها قالت : كانت وسادة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتكئ عليها  من أدم ، حشوها ليف  . 
وروى أبو بكر بن أبي خيثمة  عن  عدي بن حاتم  رضي الله تعالى عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد ، وذكر الحديث ، وفيه قام بي حتى أتى داره ، فألقت وليدة له وسادة ، فجلس عليها ، وجلست بين يديه  . 
 [ ص: 358 ] وروى  أبو نعيم  عن  أنس  رضي الله تعالى عنه قال : دخل  سلمان  على  عمر  رضي الله تعالى عنهما ، وهو متكئ على وسادة ، فألقاها له فقال سلمان : الله أكبر صدق الله ورسوله فقال عمر : حدثنا يا أبا عبد الله قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على وسادة ، فألقاها إلي ، ثم قال : «يا سلمان ما من مسلم يدخل على أخيه المسلم فيلقي له وسادة إكراما له إلا غفر الله له »  . 
وروى  عبد بن حميد  وغيره عن  عمر بن الخطاب  رضي الله تعالى عنه قال : إنه استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فدخلت وإنه لعلى خصفة مضطجع ، وتحت رأسه وسادة محشوة ليفا ، وإن فوق رأسه لإهاب  - الحديث . 
وروى الإمام  أحمد  عن  جابر بن سمرة  رضي الله تعالى عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فرأيته متكئا على وسادة  . 
وروى عنه أيضا قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته متكئا على مرقعة  . 
وروى  أبو الشيخ  عن  أنس  رضي الله تعالى عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف  . 
وروى أيضا عن  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو على حصير قد أثر في جنبه ، وإذا تحت رأسه مرقعة من أدم حشوها ليف ، وتقدم في صفة جلسته أحاديث فلتراجع . 
وروى  أبو الشيخ  عن الربيع بن زياد  أن  عمر بن الخطاب  قال لحفصة   : أخبريني بألين فراش فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كان لنا كساء من هذه المائدة أصبناه يوم خيبر ، فكنت أفرشه لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل ليلة فينام ، وإني ثنيته له ذات ليلة فلما أصبح قال : «ما كان فراش البارحة ؟ » قلت : فراشك كل ليلة ، إلا أني ثنيته الليلة قال : «أعيديه لحالته الأولى فإنه منعني وطاءته البارحة من الصلاة » فأرسل عمر عينيه بالبكاء  . 
وروى  الترمذي  عن جعفر بن محمد  عن أبيه قال : سألت  عائشة  ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتك ؟ قالت : من أدم حشوه ليف ، وسألت حفصة : ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : مسح ثنيته ثنيتين ، فينام عليه ، فلما كان ذات ليلة قلت : لو ثنيته له بأربع كان أوطأ له ، فثنيته بأربع ثنيات ، فلما أصبح قال : «ما فرشتم لي الليلة ؟ » قلنا : هو فراشك إلا أنا ثنيناه لأربع ثنيات ، قلنا هو أوطأ لك قال : «ردوه لحاله الأولى ، فإنه منعني وطاءته صلاتي الليلة »  . 
وروى ابن سعد  عن  عائشة  رضي الله تعالى عنها أنها كانت تفرش للنبي صلى الله عليه وسلم عباءة  [ ص: 359 ] باثنتين ، فجاء ليلة وقد ربعتها فنام عليها ، فقال : «يا عائشة مال فراشي الليلة ليس كما يكون ؟ » قلت : يا رسول الله أربعتها لك قال : «فأعيديه كما كان »  . 
وروى  أبو يعلى  عن  عائشة  رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه طرف اللحاف ، وعلى  عائشة  طرفه  . 
وروى أيضا عن  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما أنه بات عند خالته  ميمونة  فجاءت بكساء فطرحته ، وفرشته للنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم جاءت ميمونة بخرقة عند رأس الفراش ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد صلى العشاء الآخرة ، فانتهى إلى الفراش ، فأخذ الخرقة التي عند رأس الفراش فأتزر بها ، وخلع ثوبه ، فعلقها ، ثم دخل معها في لحافها  . 
وروى  الطبراني  عن  ابن عباس  قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم بساط يسمى الكن   . 
وروى عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له بساط يسمى الكن ، وكانت له عباءة تسمى النمرة ، وكانت له ركوة تسمى الصادرة ، وكانت له مرآة تسمى المرآة ، وكان له مقراض يسمى الجامع ، وكان له قضيب يسمى الممشوق  . 
 [ ص: 360 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					