الباب السابع في بعض مناقب السيدة  رقية بنت رسول الله  صلى الله عليه وسلم 
وفيه أنواع : 
الأول : في مولدها واسمها وفيمن تزوجها . 
ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره ثلاث وثلاثون سنة ، وسماها  رقية   -بقاف واحدة وبالتشديد- أسلمت حين أسلمت أمها  خديجة بنت خويلد ،  وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايعه النساء ، قال  قتادة بن دعامة  ومصعب بن الزبير  فيما رواه ابن أبي خيثمة   -رضي الله تعالى عنه- كانت  رقية   -رضي الله تعالى عنها- تحت عتبة بن أبي لهب ،  وأختها  أم كلثوم  تحت أخيه عتيبة ،  فلما نزلت تبت يدا أبي لهب وتب   [المسد : 1] قال أبوه لهما : رأسي بين رؤوسكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد ،  وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبة  طلاق  رقية ،  وسألته  رقية  ذلك فقالت له أمه ، وهي حمالة الحطب : طلقها يا بني؛ فإنها قد صبأت ، ففارقاهما ، ولم يكونا دخلا بهما ، فتزوجت  رقية   عثمان بن عفان   -رضي الله تعالى عنهما- بمكة ،  وهاجر بها الهجرتين إلى أرض الحبشة  ثم إلى المدينة ،  وذكر  الدولابي  أن تزوج  عثمان  إياها كان في الجاهلية ، والذي ذكره غيره أنه كان بعد إسلامه . 
وروى  الطبراني  من طريقين بإسناد حسن ،  والزبير بن بكار  عن  قتادة بن دعامة   -رحمه الله تعالى- قال : كانت  رقية بنت رسول الله  صلى الله عليه وسلم عند عتبة بن أبي لهب ،  فلما أنزل الله تعالى تبت يدا أبي لهب   [المسد : 1] سأل النبي صلى الله عليه وسلم عتبة  طلاقها ، وسألته  رقية  ذلك ، فتزوج  عثمان بن عفان   رقية  وتوفيت عنده . 
وروي عن  عائشة   -رضي الله تعالى عنها- قالت : أتت قريش  عتبة بن أبي لهب ،  فقالوا له : طلق ابنة محمد ،  ونحن نزوجك . 
الثاني : في أن تزويج  رقية   عثمان   -رضي الله تعالى عنهما- كان بوحي 
روى  الطبراني  عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  "إن الله -عز وجل- أوحى إلي أن أزوج كريمتي  عثمان" .  
وروي عن  عروة بن الزبير   -رضي الله تعالى عنه-[ . . . . . ] . 
الثالث : في حسنها رضي الله تعالى عنها 
قال أبو عمرو   -رحمه الله تعالى- : كانت  رقية  ذات جمال رائع, وقال أبو محمد بن قدامة :  وكانت ذات جمال بارع ، فكان يقال : أحسن زوج رآها الإنسان مع زوجها . 
 [ ص: 34 ] وروي عن  أسامة بن زيد  قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى  عثمان  بصحفة فيها لحم ، فدخلت عليه  [ورقية  جالسة فما رأيت اثنين أحسن منهما ، فجعلت مرة أنظر إلى  رقية  ومرة أنظر إلى  عثمان ،  فلما رجعت ، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : أدخلت عليهما ؟ قلت : نعم ، قال : فهل رأيت زوجا أحسن منهما ؟ قلت : لا يا رسول الله لقد جعلت مرة أنظر إلى  رقية  ومرة أنظر إلى  عثمان .  
رواه  الطبراني ،  وقال : كان هذا قبل نزول الحجاب ، وفيه راو لم يسم ، وبقية رجاله رجال الصحيح . 
وعن عبد الله بن حزم المازني  قال : رأيت  عثمان بن عفان  فما رأيت قط ذكرا ولا أنثى أحسن وجها منه . 
رواه  الطبراني ،  وفيه الربيع بن بدر ،  وهو متروك . 
وعن عبد الله بن شداد بن الهاد  قال : رأيت  عثمان بن عفان  يوم الجمعة على المنبر عليه إزار عدني غليظ ، ثمنه أربعة دراهم أو خمسة ، وريطة كوفية ممشقة ، ضرب اللحم ، طويل اللحية ، حسن الوجه . رواه  الطبراني  وإسناده حسن . 
وعن  موسى بن طلحة  قال : كان  عثمان  يوم الجمعة يتوكأ على عصا وكان أجمل الناس ، وعليه ثوبان أصفران إزار ورداء حتى يأتي المنبر فيجلس عليه . رواه  الطبراني  عن شيخه المقدام بن داود  وهو ضعيف . 
وعن عبد الله بن عون القاري  قال : رأيت  عثمان بن عفان  أبيض اللحية . رواه  الطبراني ،  وفيه من لم أعرفه . 
وعن  ابن أبي ذئب ،  عن عبد الرحمن بن سعد  قال : رأيت  عثمان بن عفان  أصفر اللحية . رواه  الطبراني  عن مقدام بن داود ،  وهو ضعيف] . 
الرابع : في هجرتها رضي الله تعالى عنها 
روى ابن أبي خيثمة بن سليمان  وعمر الملا  عن  أنس   -رضي الله تعالى عنه- قال : أول من هاجر إلى أرض الحبشة   عثمان ،  وخرج معه ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهما ، فجعل يترقب الخبر ، فقدمت امرأة من قريش ،  فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : رأيتها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "على أي حال رأيتها ؟ " فقالت : رأيتها وقد حملها على حمار من هذه الدواب ، وهو يسوقها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "منحهما الله -عز وجل- أن  عثمان  لأول من هاجر بأهله إلى الله -عز وجل- بعد لوط  عليه السلام" . 
الخامس : في إجابة دعائها رضي الله تعالى عنها 
قال أبو محمد بن قدامة :  روينا أن فتيان أهل الحبشة  كانوا يعرضون للسيدة  رقية ،  وينظرون إليها ، ويعجبون من جمالها ، فأذاها ذلك ، فدعت عليهم جميعا ، فهلكوا . 
السادس : في وفاتها رضي الله تعالى عنها 
قال  مصعب بن الزبير :  توفيت  رقية  عند  عثمان  بالمدينة ،  وتخلف عليها عن بدر ،  بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه وأجره . 
وقال  ابن شهاب :  تخلف  عثمان  على امرأته السيدة  رقية  بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت -عليها السلام- وجعة فتوفيت يوم قدم أهل بدر  المدينة ،  فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم  [ ص: 35 ] بسهمه وأجره . 
رواهما ابن أبي خيثمة ،  توفيت -عليها السلام- على رأس سبعة عشر شهرا من مهاجرته صلى الله عليه وسلم . 
السابع : في ولدها رضي الله تعالى عنها 
أسقطت من  عثمان  سقطا ، ثم ولدت له عبد الله .  
قال  مصعب بن الزبير :  ولدت  رقية  لعثمان بن عفان   -رضي الله تعالى عنهما- بالحبشة  ولدا سماه عبد الله ،  فكان يكنى به ، بلغ سنتين ، وقيل : ست سنين ، فنقره في عينيه ديك ، فتورم وجهه ومرض ، فمات . 
قال في "العيون" : إنه مات بعد أمه سنة أربع ، ولم تلد شيئا غيره . 
وقال صلى الله عليه وسلم : "ونزل في حفرته أبوه  عثمان" .  
وقال  الدولابي :  مات وهو رضيع ، والله تعالى أعلم . وشذ  قتادة  فقال : لم تلد  لعثمان   -رضي الله تعالى عنه- وغلطوه في ذلك . 
 [ ص: 36 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					