الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثالث عشر في بعض مناقب أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في مولده واسمه :

                                                                                                                                                                                                                              أبو سفيان بن الحارث ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخوه من الرضاعة ، وأمه [غزية بنت قيس] .

                                                                                                                                                                                                                              قيل : كان اسمه المغيرة ، ولم يذكر الدارقطني غيره .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : بل اسمه كنيته ، والمغيرة أخوه ، وكان يألف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاداه وهجاه .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في إسلامه -رضي الله تعالى عنه- :

                                                                                                                                                                                                                              أسلم عام الفتح وحسن إسلامه ، ويقال : إنه ما رفع رأسه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حياء منه ، وأسلم معه ولده جعفر ، لقيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالأبواء ، وأسلما قبل دخول مكة ، وقيل : بل لقيهما هو وعبد الله بن أبي أمية بين السقيا والعرج ، فأعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنهما ، فقالت له أم سلمة (لا تكفر) ابن عمك وأخوك . ابن عمتك أشقى الناس بك .

                                                                                                                                                                                                                              وقال له علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- : ائت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبل وجهه ، فقل له ما قال إخوة يوسف : تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين [يوسف : 91] فإنه لا يرضى أن يكون أحد أحسن قولا منه ، ففعل ذلك أبو سفيان رضي الله تعالى عنه ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في شهادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له بالجنة ، وإثبات (الخيرية) له رضي الله تعالى عنه :

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو عمر عن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : أبو سفيان بن الحارث من شباب أهل الجنة ، وسيد فتيان أهل الجنة . رواه ابن سعد والحاكم مرسلا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم والطبراني بسند جيد وأبو عمر عن أبي حية البدري -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : "أبو سفيان خير أهلي أو من خير أهلي" ، وفي لفظ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين كان لا ينظر إلى ناحية إلا رأى أبا سفيان بن الحارث يقاتل ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : "إن أبا سفيان خير أهلي ، أو من خير أهلي" .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية