الثالث : في فضائله وغزارة علمه  ، ودعائه له وهو أخو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمؤاخاة ، وصهره وأبو السبطين وأول هاشمي ولد بين هاشميين ، وأول خليفة من بني هاشم  ، وأحد العشرة المبشرة بالجنة ، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض ، وأحد الخلفاء الراشدين ، وأحد (القلائل ) الربانيين ، والشجعان المشهورين ، والزهاد المذكورين ، وأحد السابقين إلى الإسلام ، ولم يسجد لصنم قط ، وبات ليلة على فراشه - صلى الله عليه وسلم - يقيه بنفسه ، وخلفه بمكة  ليرد الودائع التي كانت عنده ، وكان يحمل راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العظمى في القتال ، فيقدم بها في بحر العدو وشهد معه مشاهده كلها وأبلى فيها بلاء حسنا ، وشهد وقعة أحد  وبايعه على الموت ، وكان من أشجع الناس ، لم يبارز أحدا قط إلا قتله ، وسار لما ولي الخلافة بسيرة  أبي بكر   وعمر   - رضي الله تعالى عنهم - في القسم والتسوية بين الناس ، وكان إذا ورد عليه مال لم يترك منه شيئا حتى يقسمه ، وكان يكنس بيت المال ويصلي فيه ، ويقول : يا دنيا غري غيري ، ولم يخص بالولايات إلا أهل الديانات . 
 [ ص: 289 ] وروي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسمائة حديث وستة وثمانون حديثا . اتفق  البخاري   ومسلم  منها على عشرين ، وانفرد  البخاري  بتسعة ،  ومسلم  بخمسة عشر ، قال  ابن المسيب   : ما كان أحد يقول : سلوني غير  علي  ، قال  ابن عباس   : أعطي  علي  تسعة أعشار العلم ، والله لقد شاركهم في العشر الباقي . 
  فإذا ثبت لنا الشيء الباقي عن  علي  لم نعدل عنه إلى غيره ، ولي الخلافة خمس سنين ، وقيل إلا شهرا ، بويع له على الخلافة في مسجد رسول الله   - صلى الله عليه وسلم - في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ا . هـ . 
  وروى  ابن المنذر   وابن أبي حاتم  عن بعجة بن عبد الله الجهني   - رضي الله تعالى عنه - قال : تزوج رجل امرأة من جهينة  ، فولدت له غلاما لستة أشهر ، فانطلق زوجها إلى  عثمان  فأمر برجمها ، فبلغ ذلك  عليا  فأتاه فقال : ما تصنع ؟ قال : ولدت غلاما لستة أشهر ، وهل يكون ذلك ؟ قال  علي  أما سمعت الله تعالى يقول : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا   [الأحقاف 15 ] وقال والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين   [البقرة 233 ] فكم تجد بقي إلا ستة أشهر ؟ فقال  عثمان   : والله ما فطنت لهذا ، علي بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها ، وكان من قولها لأختها : يا أخية ، لا تحزني فوالله ، ما كشف فرجي أحد قط غيره قال : فشب الغلام بعد فاعترف به الرجل ، وكان أشبه الناس به قال : فرأيت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فراشه  . 
  وروى  عبد الرزاق   وعبد بن حميد   وابن المنذر  عن  قتادة  عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي  قال : رفع إلي  عمر  امرأة ولدت لستة أشهر ، فسأل عنها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال  علي   : لا رجم عليها ألا ترى أنه يقول : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا   [الأحقاف 15 ] وقال : وفصاله في عامين   [لقمان 14 ] وكان الحمل ههنا ستة أشهر ، فتركها  عمر  قال : ثم بلغنا أنها ولدت آخر لستة أشهر  . 
  وروى  سعيد بن منصور   وابن جرير   وابن المنذر   وابن أبي حاتم   وابن مردويه  عن مكحول   وسعيد بن منصور   وابن مردويه   وأبو نعيم  في - الحلية - عنه عن  علي   وابن جرير   وابن أبي حاتم   وابن مردويه   وابن عساكر   وابن النجار  عن بريدة   وأبو نعيم  من طريق آخر عن  علي  في قوله تعالى : وتعيها أذن واعية   [الحاقة 12 ] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زاد بريدة  «يا  علي  ، إن الله تعالى أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك ، وأن تعي وحق لك أن تعي ، سألت ربي أن يجعلها أذنك ، قال مكحول   : وكان  علي  يقول : ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا فنسيته زاد بريدة  فنزلت هذه الآية وتعيها أذن واعية   [الحاقة 12 ] . 
 [ ص: 290 ] وروى  ابن مردويه   وابن عساكر  عن  أبي سعيد الخدري   - رضي الله تعالى عنه - في قوله تعالى : ولتعرفنهم في لحن القول   [محمد 30 ] قال ببغضهم :  علي بن أبي طالب   . 
  وروى  ابن مردويه  عن  ابن مسعود   - رضي الله تعالى عنه - قال : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إلا ببغضهم  علي بن أبي طالب  »  . 
  وروى  الطبراني  عن علي بن الأقمر  عن أبيه قال : رأيت  عليا   - رضي الله تعالى عنه - يعرض سيفا له في رحبة الكوفة  وهو يقول : «من يشتري مني سيفي هذا ، فوالله ، لقد جلوت به غير كربة عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو أن عندي ثمن إزار ما بعته »  . 
  وروى  الطبراني  في الأوسط وفيه ضعفاء وثقوا عن  أبي هريرة   - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  «علي بن أبي طالب  صاحب حوضي يوم القيامة »  . 
  وروى  أبو يعلى  برجال الصحيح عن  أبي سعيد   - رضي الله تعالى عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : «إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، فقال  أبو بكر   : أنا هو يا رسول الله ، قال : لا ، قال  عمر   : أنا هو يا رسول الله ، قال : لا ، ولكنه خاصف النعل ، وكان قد أعطى  عليا  نعله يخصفها »  . 
  وروى  أبو يعلى  برجال ثقات عدا الربيع بن سهل  فيحرر رجاله عن علي بن ربيعة  قال : سمعت  عليا   - رضي الله تعالى عنه - يقول على منبركم هذا : عهد إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين  . 
  وروى  أبو يعلى  بسند ضعيف عن  الحسن بن علي   - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن الله تعالى «يحب من أصحابك ثلاثة فأحبهم :  علي بن أبي طالب  ،  وأبو ذر  ، والمقداد بن الأسود  »  . 
  وروى  البزار  بسند حسن  والترمذي  وقال حسن غريب ،  وأبو يعلى   والحاكم   والطبراني  عن  أنس  رفعه قال : «الجنة تشتاق إلى ثلاثة ،  علي   وعمار  وأحسبه قال :  وأبو ذر  »  . 
  ورواه  الطبراني  بسند حسن أيضا بلفظ «ثلاثة تشتاق لهم الجنة والحور العين :  علي   وعمار   وسلمان  »  . 
  وروى  ابن عساكر  عن  حذيفة   - رضي الله تعالى عنه -  والطبراني  عن  أنس   والطبراني  في الكبير على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  (اشتاقت الجنة ) وفي لفظ الجنة قد اشتاقت إلى أربعة :  علي   وسلمان  وأبي   وعمار بن ياسر  »  . 
 [ ص: 291 ] وروى الديلمي  عن  أنس   - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «أعلم الناس بعدي  علي بن أبي طالب  »  . 
  وروى الإمام  أحمد   والطبراني  عن  معقل بن يسار   - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال  لفاطمة   : «أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي إسلاما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما »  . 
  وروى  الطبراني  عن فاطمة   - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها : «أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاما ، وأعلمهم علما ، فإنك سيدة نساء أمتي ، كما أن مريم  سيدة نساء قومها »  . 
  وروى  ابن ماجه   والحاكم   وأبو نعيم  في الحلية ،  والترمذي  ، وقال : حسن غريب  والروياني   والحاكم  في المستدرك  والضياء  عن  عبد الله بن بريدة  عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن الله - عز وجل - أمرني بحب أربعة » وفي لفظ «إن الله - عز وجل - يحب من أصحابي أربعة : وأخبرني أنه يحبهم علي منهم ، وأبو ذر منهم ، ومقداد وسلمان »  . 
  وروى  أبو داود الطيالسي  والحسن بن سفيان   وأبو نعيم  في فضائل الصحابة عن  عمران بن حصين  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن  عليا  مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن »  . 
  وروى  الطبراني  عن  أسامة بن زيد   - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال  للعباس   : «إن  عليا  سبقك بالهجرة »  . 
  وروى  الطبراني  في الكبير - عن  أبي سعيد  وسليمان   - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن وصيي ، وموضع سري ، وخير من أترك بعدي ، وينجز عدتي ، ويقضي ديني  علي بن أبي طالب  »  . 
  وروى  الخطيب  عن  البراء  ، وأبو بكر  والمطيري  في جزئه عن  أبي سعيد   - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  «علي  مني بمنزلة هارون  من موسى  ، وفي لفظ : إنما  علي  بمنزلة هارون  من موسى  إلا أنه لا نبي بعدي »  . 
  وروى  العقيلي  عن  ابن عباس   - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «يا  أم سلمة  إن  عليا  لحمه من لحمي ، ودمه من دمي وهو مني بمنزلة هارون  من موسى  غير أنه لا نبي بعدي »  . 
  وروى  الحاكم  أن  عمر   - رضي الله تعالى عنه - قال : كفوا عن  علي  فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : «في  علي  ثلاث خصال لا يكون لي واحدة منهن : أحب إلي مما طلعت  [ ص: 292 ] عليه الشمس ، كنت أنا وأبو بكر  وأبو عبيدة  نفد والنبي - صلى الله عليه وسلم - متكئ على  علي  حتى ضرب بيده على منكبه ، ثم قال : يا  علي  ، أنت أول المؤمنين إيمانا ، وأولهم إسلاما ، ثم قال : أنت مني بمنزلة هارون  من موسى  »  . 
  وروى الشيخان عن  سعيد بن المسيب  عن عامر بن سعد  عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال  لعلي   : «أنت مني بمنزلة هارون  من موسى  إلا أنه لا نبي بعدي »  . 
				
						
						
