الباب الثالث : في وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه- صلى الله عليه وسلم-  
قال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم   [آل عمران 31] وقال : فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون   [الأعراف 158] وقال عز وجل : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما   [النساء 65] وقال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم   [آل عمران 31] .  [ ص: 426 ] 
روى الآجري  عن  العرباض بن سارية   - رضي الله تعالى عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» رواه  مسلم  بمعناه ، وزاد «وكل ضلالة في النار»  . 
وروى  الشافعي  في الأم ،  وأبو داود   والترمذي   وابن ماجه  «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه»  . 
وروى الشيخان عن  عائشة   - رضي الله تعالى عنها- قالت : صنع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شيئا يرخص فيه فتنزه عنه قوم ، فبلغه ذلك فحمد الله ثم قال : «ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه ، فو الله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية»  . 
وروى  أبو الشيخ   وأبو نعيم  والديلمي  أنه- عليه الصلاة والسلام- قال «القرآن صعب مستصعب على من كرهه وهو الحكم لمن تمسك بحديثي وفهمه وحفظه جاء مع القرآن ومن تهاون بالقرآن وحديثي فقد خسر الدنيا والآخرة ، أمرت أمتي أن يأخذوا بقولي وأن يطيعوا أمري ويتبعوا سنتي فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن» 
قال تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا   [الحشر 7]  . 
وروى  عبد الرزاق  في مصنفه مرسلا عن الحسن  «من اقتدى بي فهو مني ، ومن رغب عن سنتي فليس مني»  . 
وروى  الطبراني  في الأوسط عن  أبي هريرة   - رضي الله تعالى عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال : «المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر مائة شهيد»  . 
وروى الأصبهاني  في ترغيبه اللالكائي  في السنة عن  أنس   - رضي الله تعالى عنه- قال : 
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة»  . 
وروى  الترمذي  ، وحسنه ،  وابن ماجه  عن عمرو بن عوف المزني  قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لبلال بن الحارث  «من أحيا سنة من سنني قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل أجور من عمل بها من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئا»  . 
وروى  النسائي   وابن ماجه  عن رجل قال  لابن عمر   : يا أبا عبد الرحمن  إنا نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن ، ولا نجد صلاة السفر ، فقال  ابن عمر   : يا ابن أخي ، أي في الإسلام- إن الله تعالى بعث إلينا محمدا  ، ولا نعلم شيئا ، وقد رأيناه يقصر في السفر فقصرنا معه ، اقتداء به- صلى الله عليه وسلم- وذكر اللالكائي  في السنة قال  عمر بن عبد العزيز   : سن  [ ص: 427 ] 
رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وولاة الأمر بعده سننا الأخذ بها تصديق بكتاب الله واستعمال بطاعة الله ، وقوة على دين الله ، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ، ولا النظر في رأي من خالفها ، من اقتدى بها فهو مهتد ومن انتصر بها فهو منصور ، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا ، وذكر فيها أيضا عن  ابن شهاب الزهري  أنه قال : بلغنا عن رجال من أهل العلم ، قالوا : الاعتصام بالسنة نجاة  . 
وروى  مسلم  حين صلى  عمر   - رضي الله تعالى عنه- بذي الحليفة  ركعتين فقال : 
أصنع كما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصنع  . 
وروى  البخاري   والنسائي  ، عن  علي   - رضي الله تعالى عنه- حين قرن فقال له  عثمان   : 
ترى أني أنهى الناس عنه وتفعله ، قال : لم أكن أدع سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لقول أحد من الناس  . 
وروى  الدارمي   والطبراني   واللالكائي  في سننه ، عن  ابن مسعود   وأبي الدرداء   - رضي الله تعالى عنهما- : القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة  . 
وروى  عبد بن حميد  في مسنده بسند صحيح عن  ابن عمر  قال : صلاة السفر ركعتان من خالف السنة كفر  . 
وروى الأصبهاني  في ترغيبه  واللالكائي  في «السنة» عن  أبي بن كعب   - رضي الله تعالى عنه- أنه قال : وعليكم بالسبيل والسنة ، فإنه ما على الأرض من عبد على السبيل والسنة ، ذكر الله تعالى في نفسه ففاضت عيناه من خشيته تعالى فيعذبه الله تعالى أبدا ، وما على الأرض من عبد على السبيل والسنة ذكر ربه في نفسه فاقشعر من خشية الله تعالى إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها ، فهي كذلك إذ أصابتها ريح شديدة فتحات ورقها إلا حط عنه خطاياه كما تحات عن الشجرة ورقها ، فإن اقتصادا في سبيل الله وسنته خير من اجتهاد في خلاف سبيل الله تعالى وسنته ، وانظروا عملكم إن كان اجتهادا واقتصادا أن يكون على منهاج الأنبياء وسنتهم  . 
وروى الشيخان أن  عمر   - رضي الله تعالى عنه- نظر إلى الحجر الأسود وقال : إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك  . 
وروى  الإمام أحمد   والبزار   - بسند صحيح- أن  عبد الله بن عمر   - رضي الله تعالى عنهما- رئي يدير ناقته في مكان ، فسئل عن إدارتها ، لأي شيء ؟ فقال : لا أدري إلا أني رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يفعله ففعلته ، وقال أبو عثمان الحيري   - بموحدة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة- ، قرأ شيخ الصوفية بنيسابور   : من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ، ومن  [ ص: 428 ] 
أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة ، وقال  سهل بن عبد الله التستري   : أصول مذهبنا : أي : 
الصوفية عنى الله تعالى بقولهم : ثلاثة الاقتداء بالنبي- صلى الله عليه وسلم- في الأقوال والأفعال ، والأكل من الحلال وإخلاص النية في جميع الأعمال  . وجاء في تفسير قوله تعالى والعمل الصالح يرفعه   [فاطر 10] إنه الاقتداء به- صلى الله عليه وسلم- وقال محمد بن علي الترمذي  في تفسير قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة   [الأحزاب 21] الأسوة : في الرسول الاقتداء به والاتباع لسنته ، وترك مخالفته في قول أو فعل  . وقال  سهل بن عبد الله التستري  في تفسير قوله تعالى صراط الذين أنعمت عليهم   [الفاتحة 7] قال : بمتابعة سنته- صلى الله عليه وسلم-  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					