الحوادث في خلافة
ذي النورين عثمان
سنة أربع وعشرين
[
nindex.php?page=treesubj&link=31277بيعة عثمان ]
[ ص: 164 ] دفن
عمر رضي الله عنه في أول المحرم ، ثم جلسوا للشورى ، فروي عن
عبد الله بن أبي ربيعة أن رجلا قال قبل الشورى : إن بايعتم
لعثمان أطعنا ، وإن بايعتم
لعلي سمعنا وعصينا .
وقال
المسور بن مخرمة : جاءني
عبد الرحمن بن عوف بعد هجع من الليل فقال : ما ذاقت عيناي كثير نوم منذ ثلاث ليال فادع لي
عثمان وعليا والزبير وسعدا ، فدعوتهم ، فجعل يخلو بهم واحدا واحدا يأخذ عليه ، فلما أصبح صلى
صهيب بالناس ، ثم جلس
عبد الرحمن فحمد الله وأثنى عليه ، وقال في كلامه : إني رأيت الناس يأبون إلا
عثمان .
وقال
حميد بن عبد الرحمن بن عوف : أخبرني
المسور أن النفر الذين ولاهم
عمر اجتمعوا فتشاوروا ، فقال
عبد الرحمن : لست بالذي أنافسكم هذا الأمر ، ولكن إن شئتم اخترت لكم منكم ، فجعلوا ذلك إلى
عبد الرحمن ، قال : فوالله ما رأيت رجلا بذ قوما أشد ما بذهم حين ولوه أمرهم ، حتى ما من رجل من الناس يبتغي عند أحد من أولئك الرهط رأيا ولا يطئون عقبه ، ومال الناس على
عبد الرحمن يشاورونه ويناجونه تلك الليالي ، لا يخلو به رجل ذو رأي فيعدل
بعثمان أحدا ، وذكر الحديث إلى أن قال : فتشهد وقال : أما بعد يا
علي فإني قد نظرت في الناس فلم أرهم يعدلون
بعثمان ، فلا تجعلن على نفسك سبيلا ، ثم أخذ بيد
عثمان [ ص: 165 ] فقال : نبايعك على سنة الله وسنة رسوله وسنة الخليفتين بعده ، فبايعه
عبد الرحمن بن عوف وبايعه
المهاجرون والأنصار .
وعن
أنس ، قال : أرسل
عمر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة الأنصاري ، فقال : كن في خمسين من
الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت ، فقم على ذلك الباب بأصحابك فلا تترك أحدا يدخل عليهم ولا تتركهم يمضي اليوم الثالث حتى يؤمروا أحدهم ، اللهم أنت خليفتي عليهم .
وفي زيادات مسند
أحمد من حديث
أبي وائل ، قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=38لعبد الرحمن بن عوف : كيف بايعتم
عثمان وتركتم
عليا ؟ قال : ما ذنبي قد بدأت
بعلي ، فقلت : أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة
أبي بكر وعمر ، فقال : فيما استطعت ، ثم عرضت ذلك على
عثمان فقال : نعم .
وقال
الواقدي : اجتمعوا على
عثمان لليلة بقيت من ذي الحجة ، ويروى أن
عبد الرحمن قال
لعثمان خلوة : إن لم أبايعك فمن تشير علي ؟ فقال :
علي ، وقال
لعلي خلوة : إن لم أبايعك فمن تشير علي ؟ قال :
عثمان ، ثم دعا
الزبير ، فقال : إن لم أبايعك فمن تشير علي ؟ قال :
علي أو
عثمان ، ثم دعا
سعدا ، فقال : من تشير علي ؟ فأما أنا وأنت فلا نريدها ، فقال :
عثمان ، ثم استشار
عبد الرحمن الأعيان فرأى هوى أكثرهم في
عثمان .
ثم نودي : الصلاة جامعة ، وخرج
عبد الرحمن عليه عمامته التي عممه
[ ص: 166 ] بها رسول الله صلى الله عليه وسلم متقلدا سيفه ، فصعد المنبر ووقف طويلا يدعو سرا ، ثم تكلم فقال : أيها الناس إني قد سألتكم سرا وجهرا على أمانتكم فلم أجدكم تعدلون عن أحد هذين الرجلين : إما
علي وإما
عثمان ، قم إلي يا
علي ، فقام فوقف بجنب المنبر فأخذ بيده ، وقال : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل
أبي بكر وعمر ؟ قال : اللهم لا ، ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي ، فقال : قم يا
عثمان ، فأخذ بيده في موقف علي ، فقال : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل
أبي بكر وعمر ؟ قال : اللهم نعم ، قال : فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يده ، ثم قال : اللهم اشهد ، اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة
عثمان .
فازدحم الناس يبايعون
عثمان حتى غشوه عند المنبر وأقعدوه على الدرجة الثانية ، وقعد
عبد الرحمن مقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر ، قال : وتلكأ
علي ، فقال
عبد الرحمن :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما [ الفتح ] . فرجع
علي يشق الناس حتى بايع
عثمان وهو يقول : خدعة وأيما خدعة .
ثم جلس
عثمان في جانب المسجد ودعا
بعبيد الله بن عمر بن الخطاب ، وكان محبوسا في دار
سعد ،
وسعد الذي نزع السيف من يد
عبيد الله بعد أن قتل
جفينة والهرمزان وبنت أبي لؤلؤة ، وجعل
عبيد الله يقول : والله لأقتلن رجالا ممن شرك في دم أبي ، يعرض
بالمهاجرين والأنصار ، فقام إليه
سعد فنزع السيف من يده وجبذه بشعره حتى أضجعه وحبسه ، فقال
عثمان لجماعة من المهاجرين : أشيروا علي في هذا الذي فتق في الإسلام ما فتق ، فقال
علي : أرى أن تقتله ، فقال بعضهم : قتل أبوه بالأمس ويقتل هو اليوم ؟ فقال
عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الحدث ولك على
[ ص: 167 ] المسلمين سلطان ، إنما تم هذا ولا سلطان لك ، قال
عثمان : أنا وليهم وقد جعلتها دية واحتملتها من مالي .
قلت :
والهرمزان هو ملك
تستر ، وقد تقدم إسلامه ، قتله
عبيد الله بن عمر لما أصيب
عمر ، فجاء
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر فدخل على
عمر ، فقال : حدث اليوم حدث في الإسلام ، قال : وما ذاك ؟ قال : قتل
عبيد الله الهرمزان ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون علي به ، وسجنه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : اجتمع
أبو لؤلؤة وجفينة ، رجل من
الحيرة ،
والهرمزان ، معهم خنجر له طرفان مملكه في وسطه ، فجلسوا مجلسا فأثارهم دابة فوقع الخنجر ، فأبصرهم
عبد الرحمن بن أبي بكر ، فلما طعن
عمر حكى
عبد الرحمن شأن الخنجر واجتماعهم وكيفية الخنجر ، فنظروا فوجدوا الأمر كذلك ، فوثب
عبيد الله فقتل
الهرمزان ،
وجفينة ،
ولؤلؤة بنت أبي لؤلؤة ، فلما استخلف
عثمان قال له
علي : أقد
عبيد الله من
الهرمزان ، فقال
عثمان : ما له ولي غيري ، وإني قد عفوت ولكن أديه .
ويروى أن
الهرمزان لما عضه السيف ، قال : لا إله إلا الله . وأما
جفينة فكان نصرانيا ، وكان ظئرا
nindex.php?page=showalam&ids=37لسعد بن أبي وقاص أقدمه إلى
المدينة للصلح الذي بينه وبينهم وليعلم الناس الكتابة .
الْحَوَادِثُ فِي خِلَافَةِ
ذِي النُّورَيْنِ عُثْمَانَ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ
[
nindex.php?page=treesubj&link=31277بَيْعَةُ عُثْمَانَ ]
[ ص: 164 ] دُفِنَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ ، ثُمَّ جَلَسُوا لِلشُّورَى ، فَرُوِيَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ قَبْلَ الشُّورَى : إِنْ بَايَعْتُمْ
لِعُثْمَانَ أَطَعْنَا ، وَإِنْ بَايَعْتُمْ
لَعَلِّيٍّ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا .
وَقَالَ
الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ : جَاءَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : مَا ذَاقَتْ عَيْنَايَ كَثِيرَ نَوْمٍ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَادْعُ لِي
عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَسَعْدًا ، فَدَعَوْتُهُمْ ، فَجَعَلَ يَخْلُو بِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا يَأْخُذُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّى
صُهَيْبٌ بِالنَّاسِ ، ثُمَّ جَلَسَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ فِي كَلَامِهِ : إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ يَأْبُونَ إِلَّا
عُثْمَانَ .
وَقَالَ
حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : أَخْبَرَنِي
الْمِسْوَرُ أَنَّ النَّفَرَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ
عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا ، فَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ : لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ هَذَا الْأَمْرَ ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ ، فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا بَذَّ قَوْمًا أَشَدَّ مَا بَذَّهُمْ حِينَ وَلَّوْهُ أَمْرَهُمْ ، حَتَّى مَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ النَّاسِ يَبْتَغِي عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أُولَئِكَ الرَّهْطِ رَأَيًا وَلَا يَطَئُونَ عَقِبَهُ ، وَمَالَ النَّاسِ عَلَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ وَيُنَاجُونَهُ تِلْكَ الْلَيَالِيِ ، لَا يَخْلُو بِهِ رَجُلُ ذُو رَأْيٍ فَيَعْدِلُ
بِعُثْمَانَ أَحَدًا ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ : فَتَشَهَّدَ وَقَالَ : أَمَّا بَعْدُ يَا
عَلِيُّ فَإِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ
بِعُثْمَانَ ، فَلَا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ
عُثْمَانَ [ ص: 165 ] فَقَالَ : نُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَسُنَّةِ الْخَلِيفَتَيْنِ بَعْدَهُ ، فَبَايَعَهُ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَبَايَعَهُ
الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ .
وَعَنْ
أَنَسٍ ، قَالَ : أَرْسَلَ
عُمَرُ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=86أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ ، فَقَالَ : كُنْ فِي خَمْسِينَ مِنَ
الْأَنْصَارِ مَعَ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ أَصْحَابِ الشُّورَى فَإِنَّهُمْ فِيمَا أَحْسِبُ سَيَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتٍ ، فَقُمْ عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ بِأَصْحَابِكَ فَلَا تَتْرُكُ أَحَدًا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَلَا تَتْرُكْهُمْ يَمْضِي الْيَوْمُ الثَّالِثُ حَتَّى يُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلِيفَتِي عَلَيْهِمْ .
وَفِي زِيَادَاتِ مُسْنَدِ
أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=38لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : كَيْفَ بَايَعْتُمْ
عُثْمَانَ وَتَرَكْتُمْ
عَلِيًّا ؟ قَالَ : مَا ذَنْبِي قَدْ بَدَأْتُ
بَعَلِيٍّ ، فَقُلْتُ : أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَسِيرَةِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَقَالَ : فِيمَا اسْتَطَعْتُ ، ثُمَّ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَى
عُثْمَانَ فَقَالَ : نَعَمْ .
وَقَالَ
الْوَاقِدِيُّ : اجْتَمَعُوا عَلَى
عُثْمَانَ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَيُرْوَى أَنَّ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ
لِعُثْمَانَ خَلْوَةً : إِنْ لَمْ أُبَايِعْكَ فَمَنْ تُشِيرُ عَلَيَّ ؟ فَقَالَ :
عَلِيٌّ ، وَقَالَ
لَعَلِيٍّ خَلْوَةً : إِنْ لَمْ أُبَايِعْكَ فَمَنْ تُشِيرُ عَلَيَّ ؟ قَالَ :
عُثْمَانُ ، ثُمَّ دَعَا
الزُّبَيْرَ ، فَقَالَ : إِنْ لَمْ أُبَايِعْكَ فَمَنْ تُشِيرُ عَلَيَّ ؟ قَالَ :
عَلِيٌّ أَوْ
عُثْمَانُ ، ثُمَّ دَعَا
سَعْدًا ، فَقَالَ : مَنْ تُشِيرُ عَلَيَّ ؟ فَأَمَّا أَنَا وَأَنْتَ فَلَا نُرِيدُهَا ، فَقَالَ :
عُثْمَانُ ، ثُمَّ اسْتَشَارَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْيَانَ فَرَأَى هَوَى أَكْثَرِهِمْ فِي
عُثْمَانَ .
ثُمَّ نُودِيَ : الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ ، وَخَرَجَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ عَمَامَتُهُ الَّتِي عَمَّمَهُ
[ ص: 166 ] بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَوَقَفَ طَوِيلًا يَدْعُو سِرًّا ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ سَأَلْتُكُمْ سِرًّا وَجَهْرًا عَلَى أَمَانَتِكُمْ فَلَمْ أَجِدْكُمْ تَعْدِلُونَ عَنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ : إِمَّا
عَلِيٍّ وَإِمَّا
عُثْمَانَ ، قُمْ إِلَيَّ يَا
عَلِيُّ ، فَقَامَ فَوَقَفَ بِجَنْبِ الْمِنْبَرِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ ، وَقَالَ : هَلْ أَنْتَ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَفِعْلِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا ، وَلَكِنْ عَلَى جُهْدِي مِنْ ذَلِكَ وَطَاقَتِي ، فَقَالَ : قُمْ يَا
عُثْمَانُ ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فِي مَوْقِفٍ عَلِيٍّ ، فَقَالَ : هَلْ أَنْتَ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَفِعْلِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، قَالَ : فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ الْمَسْجِدِ وَيَدَهُ فِي يَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اشْهَدْ ، اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ جَعَلْتُ مَا فِي رَقَبَتِي مِنْ ذَلِكَ فِي رَقَبَةِ
عُثْمَانَ .
فَازْدَحَمَ النَّاسُ يُبَايِعُونَ
عُثْمَانَ حَتَّى غَشَوْهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَأَقْعَدُوهُ عَلَى الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ ، وَقَعَدَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَقْعَدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمِنْبَرِ ، قَالَ : وَتَلَكَّأَ
عَلِيٌّ ، فَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [ الْفَتْحِ ] . فَرَجَعَ
عَلِيٌّ يَشُقُّ النَّاسَ حَتَّى بَايَعَ
عُثْمَانَ وَهُوَ يَقُولُ : خُدْعَةٌ وَأَيُّمَا خُدْعَةٌ .
ثُمَّ جَلَسَ
عُثْمَانُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ وَدَعَا
بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَكَانَ مَحْبُوسًا فِي دَارِ
سَعْدٍ ،
وَسَعْدٌ الَّذِي نَزَعَ السَّيْفَ مِنْ يَدِ
عُبَيْدِ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَتَلَ
جُفَيْنَةَ وَالْهُرْمُزَانَ وَبِنْتَ أَبِي لُؤْلُؤْةَ ، وَجَعَلَ
عُبَيْدُ اللَّهِ يَقُولُ : وَاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ رِجَالًا مِمَّنْ شَرِكَ فِي دَمِ أَبِي ، يُعَرِّضُ
بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ
سَعْدٌ فَنَزَعَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ وَجَبَذَهُ بِشَعْرِهِ حَتَّى أَضْجَعَهُ وَحَبَسَهُ ، فَقَالَ
عُثْمَانُ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ : أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي هَذَا الَّذِي فَتَقَ فِي الْإِسْلَامِ مَا فَتَقَ ، فَقَالَ
عَلِيٌّ : أَرَى أَنْ تَقْتُلَهُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قُتِلَ أَبُوهُ بِالْأَمْسِ وَيُقْتَلُ هُوَ الْيَوْمَ ؟ فَقَالَ
عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْفَاكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدَثُ وَلَكَ عَلَى
[ ص: 167 ] الْمُسْلِمِينَ سُلْطَانٌ ، إِنَّمَا تَمَّ هَذَا وَلَا سُلْطَانَ لَكَ ، قَالَ
عُثْمَانُ : أَنَا وَلِيُّهُمْ وَقَدْ جَعَلْتُهَا دِيَّةٌ وَاحْتَمَلْتُهَا مِنْ مَالِي .
قُلْتُ :
وَالْهُرْمُزَانُ هُوَ مَلِكُ
تُسْتَرَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إِسْلَامُهُ ، قَتَلَهُ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَمَّا أُصِيبَ
عُمَرُ ، فَجَاءَ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَدَخَلَ عَلَى
عُمَرَ ، فَقَالَ : حَدَثَ الْيَوْمَ حَدَثٌ فِي الْإِسْلَامِ ، قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : قَتَلَ
عُبَيْدُ اللَّهِ الْهُرْمُزَانَ ، قَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَيَّ بِهِ ، وَسَجَنَهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : اجْتَمَعَ
أَبُو لُؤْلُؤَةَ وَجُفَيْنَةُ ، رَجُلٌ مِنَ
الْحِيرَةِ ،
وَالْهُرْمُزَانُ ، مَعَهُمْ خِنْجَرٌ لَهُ طَرَفَانِ مَمْلَكُهُ فِي وَسَطِهِ ، فَجَلَسُوا مَجْلِسًا فَأَثَارَهُمْ دَابَّةٌ فَوَقَعَ الْخِنْجَرُ ، فَأَبْصَرَهُمْ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا طُعِنَ
عُمَرُ حَكَى
عَبْدُ الرَّحْمَنِ شَأْنَ الْخِنْجَرِ وَاجْتِمَاعَهْمْ وَكَيْفِيَّةَ الْخِنْجَرِ ، فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا الْأَمْرَ كَذَلِكَ ، فَوَثَبَ
عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَتَلَ
الْهُرْمُزَانَ ،
وَجُفَيْنَةَ ،
وَلُؤْلُؤَةَ بِنْتَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ
عُثْمَانُ قَالَ لَهُ
عَلِيٌّ : أَقِدْ
عُبَيْدَ اللَّهِ مِنَ
الْهُرْمُزَانِ ، فَقَالَ
عُثْمَانُ : مَا لَهُ وَلِيٌّ غَيْرِي ، وَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ وَلَكِنْ أَدِيهُ .
وَيُرْوَى أَنَّ
الْهُرْمُزَانَ لَمَّا عَضَّهُ السَّيْفُ ، قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . وَأَمَّا
جُفَيْنَةُ فَكَانَ نَصْرَانِيًّا ، وَكَانَ ظِئْرًا
nindex.php?page=showalam&ids=37لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَقْدَمَهُ إِلَى
الْمَدِينَةِ لِلصُّلْحِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَلِيُعَلِّمَ النَّاسَ الْكِتَابَةَ .