الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) أي : من أعرض عن الإيمان بهذا الرسول ، وعن نصرته بعد أخذ الميثاق والإقرار والتزام العهد ، قاله علي بن أبي طالب وغيره . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريد بعد الشهادة عند الأمم بهذا الميثاق ، على أن قوله تعالى : فاشهدوا ، أمر بالأداء . ومن الظاهر أنها شرط ، والجملة من : فأولئك ، وما بعده جزاء ، ويحتمل أن تكون موصولة ، وأعاد الضمير في : تولى ، مفردا على لفظ : من ، وجمع في : فأولئك ، حملا على المعنى ، وهذه الجملة تدل على أن الذين أخذ منهم الميثاق هم أتباع الأنبياء ; لأنه حكم تعالى بالفسق على من تولى بعد ذلك ، وهذا الحكم لا يليق إلا بأمم الأنبياء ، وأيضا فالأنبياء عليهم السلام ، كانوا أمواتا عند مبعثه ، يعلمنا أن المأخوذ عليهم الميثاق هم أممهم . وذكروا في هذه الآية أنواعا من الفصاحة . منها : الطباق في بقنطار ، وبدينار ، إذ أريد بهما القليل والكثير ، وفي : يؤده ولا يؤده ; لأن الأداء معناه الدفع ، وعدمه معناه المنع ، وهما ضدان ، وفي قوله : بالكفر ، ومسلمون ، والتجنيس المغاير في : اتقى ، والمتقين ، وفي : فاشهدوا ، والشاهدين ، والتجنيس المماثل في : ولا يأمركم ، أيأمركم ، وفي : أأقررتم ، وأقررنا . والإشارة في قوله : ذلك بأنهم ، وفي : أولئك لا خلاق لهم . والسؤال والجواب ، وهو في : قال أأقررتم ؟ ثم : قالوا أقررنا . والاختصاص في : يحب المتقين ، وفي يوم القيامة ، اختصه بالذكر ; لأنه اليوم الذي تظهر فيه مجازاة الأعمال . والتكرار في : يؤده ، ولا يؤده ، وفي اسم الله في مواضع ، وفي : من الكتاب ، وما هو من الكتاب . والاستعارة في : يشترون بعهد الله . والالتفات في : لما آتيتكم ، وهو خطاب بعد قوله : النبيين ، وهو لفظ غائب . والحذف في عدة مواضع تقدمت .

التالي السابق


الخدمات العلمية