وليقتد بمالك رضي الله عنه فيما أخبرناه أبو القاسم الفراوي بنيسابور ، قال : أنا أبو المعالي الفارسي ، أنا أبو بكر البيهقي الحافظ ، قال : أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ، حدثنا جدي ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : " كان مالك بن أنس إذا أراد أن يحدث توضأ ، وجلس على صدر فراشه ، وسرح لحيته ، وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة ، وحدث " . فقيل له في ذلك ، فقال : " أحب أن أعظم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أحدث إلا على طهارة متمكنا " .
وكان يكره أن يحدث في الطريق ، أو هو قائم ، أو يستعجل ، وقال : " أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
وروي أيضا عنه أنه كان يغتسل لذلك ، ويتبخر ويتطيب ، فإن رفع أحد صوته في مجلسه زبره وقال : قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ) فمن رفع صوته عند حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 241 ] وروينا - أو بلغنا - عن محمد بن أحمد بن عبد الله الفقيه أنه قال : " القارئ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام لأحد فإنه يكتب عليه خطيئة " .
ويستحب له مع أهل مجلسه ما ورد عن حبيب بن أبي ثابت أنه قال : " إن من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعا " ، والله أعلم .


