النوع الثالث والخمسون : معرفة المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب وما يلتحق بها
وهو ما يأتلف - أي تتفق - في الخط صورته ، وتختلف في اللفظ صيغته .
هذا فن جليل ، من لم يعرفه من المحدثين كثر عثاره ، ولم يعدم مخجلا ، وهو منتشر لا ضابط في أكثره يفزع إليه ، وإنما يضبط بالحفظ تفصيلا .
وقد صنفت فيه كتب كثيرة مفيدة ، ومن أكملها " الإكمال " لأبي نصر بن ماكولاء ، على إعواز فيه .
وهذه أشياء مما دخل منه تحت الضبط مما يكثر ذكره ، والضبط فيها على قسمين على العموم وعلى الخصوص .
[ ص: 345 ] فمن القسم الأول : سلام وسلام ، جميع ما يرد عليك من ذلك فهو بتشديد اللام إلا خمسة ، وهم : سلام والد عبد الله بن سلام الإسرائيلي الصحابي .
وسلام والد محمد بن سلام البيكندي البخاري شيخ البخاري ، لم يذكر فيه الخطيب وابن ماكولاء غير التخفيف ، وقال صاحب المطالع : منهم من خفف ومنهم من ثقل ، وهو الأكثر .
قلت : التخفيف أثبت ، وهو الذي ذكره غنجار في تاريخ بخارى ، وهو أعلم بأهل بلاده .
وسلام بن محمد بن ناهض المقدسي ، روى عنه أبو طالب الحافظ والطبراني . وسماه الطبراني سلامة .
وسلام جد محمد بن عبد الوهاب بن سلام المتكلم الجبائي أبي علي المعتزلي ، وقال المبرد في كامله : " ليس في العرب سلام - مخفف اللام - إلا والد عبد الله بن سلام ، وسلام بن أبي الحقيق ، قال : وزاد آخرون سلام بن مشكم ، خمارا كان في الجاهلية ، والمعروف فيه التشديد " ، والله أعلم .
عمارة وعمارة ، ليس لنا عمارة - بكسر العين - إلا أبي بن عمارة من الصحابة ، ومنهم من ضمه ، ومن عداه عمارة ، بالضم ، والله أعلم .
[ ص: 346 ] كريز وكريز : حكى أبو علي الغساني في كتابه " تقييد المهمل " عن محمد بن وضاح أن كريزا - بفتح الكاف - في خزاعة ، وكريزا - بضمها - في عبد شمس بن عبد مناف .
قلت : وكريز - بضمها - موجود أيضا في غيرهما ، ولا نستدرك في المفتوح بأيوب بن كريز الراوي عن عبد الرحمن بن غنم لكون عبد الغني ذكره بالفتح ؛ لأنه بالضم ، كذلك ذكره الدارقطني وغيره .
حزام : بالزاي في قريش ، وحرام : بالراء المهملة في الأنصار ، والله أعلم .
ذكر أبو علي بن البرداني أنه سمع الخطيب الحافظ يقول : العيشيون بصريون ، والعبسيون كوفيون ، والعنسيون شاميون .
قلت : وقد قاله قبله الحاكم أبو عبد الله ، وهذا على الغالب ، الأول بالشين المعجمة ، والثاني بالباء الموحدة ، والثالث بالنون ، والسين فيهما غير معجمة .
أبو عبيدة : كله بالضم ، بلغنا عن الدارقطني أنه قال : لا نعلم أحدا يكنى أبا عبيدة بالفتح .
[ ص: 347 ] وهذه أشياء اجتهدت في ضبطها ، متتبعا من ذكرهم الدارقطني وعبد الغني وابن ماكولاء .
منها : السفر بإسكان الفاء ، والسفر ، بفتحها ، وجدت الكنى من ذلك بالفتح ، والباقي بالإسكان ، ومن المغاربة من سكن الفاء من أبي السفر سعيد بن يحمد ، وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث ، حكاه الدارقطني عنهم .
عسل : بكسر العين المهملة وإسكان السين المهملة ، وعسل بفتحهما ، وجدت الجميع من القبيل الأول ، ومنهم : عسل بن سفيان ، إلا عسل بن ذكوان الأخباري البصري ، فإنه بالفتح ، ذكره الدارقطني وغيره ، ووجدته بخط الإمام أبي منصور الأزهري في كتابه " تهذيب اللغة " بالكسر والإسكان أيضا ، ولا أراه ضبطه ، والله أعلم .
غنام : بالغين المعجمة والنون المشددة ، وعثام بالعين المهملة والثاء المثلثة المشددة ، ولا يعرف من القبيل الثاني غير عثام بن علي العامري الكوفي ، والد علي بن عثام الزاهد ، والباقون من الأول ، منهم : غنام بن أوس : صحابي بدري ، والله أعلم .
قمير وقمير : الجميع بضم القاف ، ومنهم مكي بن قمير ، عن جعفر بن سليمان ، إلا امرأة مسروق بن الأجدع قمير بنت عمرو ، فإنها بفتح القاف وكسر الميم ، والله أعلم .
[ ص: 348 ] مسور ومسور : أما مسور - بضم الميم وتشديد الواو وفتحها - فهو مسور بن يزيد المالكي الكاهلي ، له صحبة ، ومسور بن عبد الملك اليربوعي روى عنه معن بن عيسى ، ذكره البخاري ، ومن سواهما - فيما نعلم - بكسر الميم وإسكان السين ، والله أعلم .
الحمال والجمال : لا نعرف في رواة الحديث - أو فيمن ذكر منهم في كتب الحديث المتداولة - الحمال بالحاء المهملة ، صفة لا اسما ، إلا هارون بن عبد الله الحمال ، والد موسى بن هارون الحمال الحافظ ، حكى عبد الغني الحافظ أنه كان بزازا ، فلما تزهد حمل ، وزعم الخليلي وابن الفلكي أنه لقب بالحمال لكثرة ما حمل من العلم ، ولا أرى ما قالاه يصح ، ومن عداه فالجمال بالجيم ، منهم محمد بن مهران الجمال ، حدث عنه البخاري ومسلم وغيرهما ، والله أعلم .
وقد يوجد في هذا الباب ما يؤمن فيه من الغلط ، ويكون اللافظ فيه مصيبا كيفما قال ، مثل عيسى بن أبي عيسى الحناط ، وهو أيضا الخباط والخياط ، إلا أنه اشتهر بعيسى الحناط ، بالحاء والنون ، كان خياطا للثياب ، ثم ترك ذلك وصار حناطا يبيع الحنطة ، ثم ترك ذلك وصار خباطا يبيع الخبط الذي تأكله الإبل ، وكذلك مسلم [ ص: 349 ] الخباط ، بالباء المنقوطة بواحدة ، اجتمع فيه الأوصاف الثلاثة ، حكى اجتماعها في هذين الشخصين الإمام الدارقطني ، والله أعلم .


