[ ص: 547 ] باب المتعة ، من كتاب الطلاق قديم وجديد
قال
الشافعي رحمه الله : " جعل الله المتعة للمطلقات وقال
ابن عمر : لكل مطلقة متعة ، إلا التي فرض لها ولم يدخل بها فحسبها نصف المهر "
قال
الماوردي : أما النفقة فما قدمناه من المال المستحق بالفرقة في النكاح مأخوذ من المتاع ، وهو كل ما استمتع به من المنافع ، ومنه قول الشاعر :
وكل عمارة من حبيب لها بك لو لهوت به متاع
والكلام في هذه المسألة يشتمل على
nindex.php?page=treesubj&link=11228الطلاق الذي يستحق به المتعة ، والطلاق يقسم ثلاثة أقسام :
قسم يوجب المتعة .
وقسم لا يوجبها .
وقسم مختلف فيه .
[ القسم الذي يوجب المتعة ]
فأما القسم الذي يوجب المتعة : فهو طلاق المفوضة التي لم يسم لها صداق ولا فرض لها بعد العقد صداق إذا طلقت قبل الدخول ، فلا ينصف لها صداق ، وليس لها إلا متعة على ما قدمنا بيانها ؛ لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة [ البقرة : 236 ] فجعل لها المتعة إذا لم يكن لها مهر ولم يدخل بها ، وهذه المتعة واجبة ، واستحبها
مالك ولم يوجبها ؛ لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236حقا على المحسنين [ البقرة : 236 ] ، وقد مضى عليه من الكلام ما أقنع مع ظاهر ما تضمنته الآية من الأمر ، ولأنه قد ملك بضعها ، وهي لا تستحق شيئا من المهر إذا لم يسم قبل الدخول ، فلو لم يجب لها المتعة لخلا بضعها من بدل ، فصارت كالموهوبة التي خص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره من أمته ؛ ولأنها قد ابتذلت بالعقد الذي لم تملك له بدلا ، فاقتضى أن تكون المتعة فيه بدلا ؛ لئلا تصير مبتذلة بغير بدل .
[ ص: 548 ]
[ ص: 547 ] بَابُ الْمُتْعَةِ ، مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ
قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " جَعَلَ اللَّهُ الْمُتْعَةَ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَقَالَ
ابْنُ عُمَرَ : لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ ، إِلَّا الَتِي فُرِضَ لَهَا وَلَمْ يُدْخَلْ بِهَا فَحَسْبُهَا نِصْفُ الْمَهْرِ "
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : أَمَّا النَّفَقَةُ فَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْمَالِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْفُرْقَةِ فِي النِّكَاحِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَتَاعِ ، وَهُوَ كُلُّ مَا اسْتُمْتِعَ بِهِ مِنَ الْمَنَافِعِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَكُلُّ عِمَارَةٍ مِنْ حَبِيبٍ لَهَا بِكَ لَوْ لَهَوْتَ بِهِ مَتَاعُ
وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَشْتَمِلُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=11228الطَّلَاقِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الْمُتْعَةَ ، وَالطَّلَاقُ يُقَسَّمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ :
قِسْمٌ يُوجِبُ الْمُتْعَةَ .
وَقِسْمٌ لَا يُوجِبُهَا .
وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ .
[ الْقِسْمُ الَّذِي يُوجِبُ الْمُتْعَةَ ]
فَأَمَّا الْقِسْمُ الَّذِي يُوجِبُ الْمُتْعَةَ : فَهُوَ طَلَاقُ الْمُفَوَّضَةِ الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ وَلَا فُرِضَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ صَدَاقٌ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ ، فَلَا يُنَصَّفُ لَهَا صَدَاقٌ ، وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا مُتْعَةٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا بَيَانَهَا ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً [ الْبَقَرَةِ : 236 ] فَجَعَلَ لَهَا الْمُتْعَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَهْرٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، وَهَذِهِ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ ، وَاسْتَحَبَّهَا
مَالِكٌ وَلَمْ يُوجِبْهَا ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [ الْبَقَرَةِ : 236 ] ، وَقَدْ مَضَى عَلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ مَا أَقْنَعَ مَعَ ظَاهِرِ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ مِنَ الْأَمْرِ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ بُضْعَهَا ، وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنَ الْمَهْرِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَهَا الْمُتْعَةُ لَخَلَا بُضْعُهَا مِنْ بَدَلٍ ، فَصَارَتْ كَالْمَوْهُوبَةِ الَّتِي خُصَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ ؛ وَلِأَنَّهَا قَدِ ابْتُذِلَتْ بِالْعَقْدِ الَّذِي لَمْ تَمْلِكْ لَهُ بَدَلًا ، فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ فِيهِ بَدَلًا ؛ لِئَلَّا تَصِيرَ مُبْتَذَلَةً بِغَيْرِ بَدَلٍ .
[ ص: 548 ]