مسألة : قال  الشافعي   ، رحمه الله تعالى : " فإذا زالت الشمس وجلس الإمام على المنبر وأذن المؤذنون ، فقد انقطع الركوع فلا يركع أحد إلا أن يأتي رجل لم يكن ركع فيركع . وروي أن  سليكا الغطفاني   دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له : " أركعت ؟ " قال : لا . قال : " فصل ركعتين  وأن  أبا سعيد الخدري   ركعهما  ومروان   يخطب وقال : ما كنت لأدعهما بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح ، وجملة هذا الفصل أنه يشتمل على مسألتين : أحدهما : وقت الجمعة .  
والثانية : جواز التنفل فيه .  
 [ ص: 428 ] فأما  وقت الجمعة   فهو وقت الظهر سواء : من بعد زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ، فإن صلاها قبل الزوال أو خطب لها أو أذن لم يجزه ، وأعاد ذلك بعد الزوال ، وحكي عن  عبد الله بن عباس   ، وبه قال  أحمد بن حنبل      : أن صلاة الجمعة قبل الزوال جائزة . استدلالا بما رواه  إياس بن سلمة بن الأكوع   عن أبيه قال :  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة فينصرف وليس للحيطان فيء     .  
والدلالة على ما قلناه : رواية  أنس بن مالك   قال :  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا زالت الشمس  وروى  المطلب بن حنطب   قال :  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة وقد فاء فيء الحيطان ذراعا أو أكثر     .  
ولأنها ظهر مقصورة فوجب أن لا يجوز فعلها إلا في وقت يجوز فيه فعل الإتمام ، قياسا على صلاة السفر .  
وأما الجواب عن حديث  سلمة      : فلا دلالة فيه ؛ لأن الشمس تزول في الصيف  بالحجاز   وليس للشمس في الحيطان ظل ، وإن كان فهو شيء يسير . فأما قول  الشافعي   ، رضي الله عنه : " فإذا جلس الإمام على المنبر وأذن المؤذنون " فصحيح ، وأراد به الأذان الثاني الذي يجب به السعي ويحرم عنده البيع ، وفيه قال الله تعالى :  إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع      [ سورة الجمعة 9 ] .  
فأما الأذان الأول فهو محدث ، لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عهد  أبي بكر   وعمر   ، رضي الله عنهما ، واختلف في أول من أحدثه وأمر به : فحكي عن  طاوس اليماني   والسائب بن يزيد   أن أول من أمر به  عثمان بن عفان   ، رضي الله عنه ، حين كثر الناس في أيامه وحكى  الشافعي   عن  عطاء   أنه أنكر أن يكون  عثمان   ، رضي الله عنه أمر به ، وقال : أول من أحدثه  معاوية      . فاتركه لا بأس .  
 [ ص: 429 ] 
				
						
						
