مسألة : قال  الشافعي   رحمه الله تعالى : " ومن أدرك مع الإمام ركعة بسجدتين أتمها جمعة وإن ترك سجدة فلم يدر أمن التي أدرك أم الأخرى حسبها ركعة وأتمها ظهرا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة  ومعنى قوله إن لم تفته ومن لم تفته صلى ركعتين وأقلها ركعة بسجدتيها " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال . قال : إذا  أدرك مع الإمام ركعة من صلاة الجمعة   فقد أدرك بها الجمعة فيأتي بركعة أخرى وقد تمت صلاته ، وإن  أدرك أقل من ركعة   لم يكن مدركا للجمعة ، وأتمها ظهرا أربعا ، هذا مذهبنا وبه قال من الصحابة  ابن مسعود   وابن عمر   ،  وأنس بن مالك   ، ومن الفقهاء  الزهري   والثوري   ومالك   وأحمد   ،  وزفر   ،  ومحمد بن الحسن      . وذكر عن  عطاء   وطاوس   ومجاهد   ومكحول   أنه لا يكون مدركا للجمعة إلا بإدراك الخطبة والصلاة ، وبه قال من الصحابة  عمر بن الخطاب   ، رضي الله عنه .  
وقال  أبو حنيفة      : يكون مدركا للجمعة بدون الركعة ، حتى لو أدرك معه الإحرام قبل سلامه بنى على الجمعة ، وبه قال  حماد بن أبي سليمان   ،  وإبراهيم النخعي   ، استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم :  ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا     . فوجب أن يقضي ما فاته لحصول ما أدركه .  
قالوا : ولأنه أدرك الإمام في حال هو فيها باق على الجمعة ، فوجب أن يكون مدركا لها كالركعة ، قالوا : ولأن كل من تعين فرضه بالإتمام فإن إدراك آخر الصلاة مع الإمام كإدراك أولها ، أصله المسافر خلف المقيم يلزمه الإتمام بإدراك آخر الصلاة ، كما يلزمه الإتمام بادراك أولها .  
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه : ما رواه  ياسين بن معاذ   عن  أبي سلمة   عن  أبي      [ ص: 438 ] هريرة   قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم :  من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة ومن أدرك أقل منها صلاها ظهرا     .  
وروى  ابن شهاب   الزهري   عن  سعيد المقبري   عن  أبي هريرة   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  إذا أدرك أحدكم ركعتين يوم الجمعة فقد أدرك الصلاة ، ومن أدرك ركعة فليضف إليها أخرى ، وإن لم يدرك ركعة فليصل أربعا  ولأنه لم يدرك من الجمعة ما يعتد به ، فوجب أن لا يكون مدركا للجمعة ، أصله الإمام إذا انفضوا عنه قبل أن يصلي ركعة . وقال  أبو حنيفة      - وهو أحد أقوالنا - : يبني على الظهر . وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم "  وما فاتكم فاقضوا     " فهو أن يقال وقد روي : "  وما فاتكم فأتموا     " . فإن كان القضاء حجة علينا فالتمام حجة عليكم ، فيسقطان جميعا ، أو يستعملان معا ، فيكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "  فاقضوا     " إذا أدركوا ركعة ، و "  أتموا     " إذا أدركوا دون الركعة .  
وأما قياسهم على الركعة : فالمعنى في إدراك الركعة : أنها مما يعتد به وأما قياسهم على صلاة المسافر خلف المقيم ففيه جوابان :  
أحدهما : أن التمام خلف للمقيم لا يفتقر إلى الجماعة ، فلم يعتبر فيه إدراك ما يعتد به في جماعة ، والجمعة من شرطها الجماعة ، فاعتبر في إدراكها إدراك ما يعتد به في جماعة .  
والثاني : أن المسافر خلف المقيم ينتقل من إسقاط إلى إيجاب ، ومن نقصان إلى كمال ، فكان القليل والكثير في الإدراك سواء ، كإدراك آخر الوقت ، وفي الجمعة ينتقل من إيجاب إلى إسقاط ، ومن كمال إلى نقصان ، فلم ينتقل إلا بشيء كامل فسقط ما قالوه .  
				
						
						
