مسألة : قال  الشافعي   ، رحمه الله تعالى : " وإن سلم رجل والإمام يخطب كرهته ورأيت أن يرد عليه بعضهم لأن الرد فرض وينبغي تشميت العاطس لأنها سنة ، وقال في القديم : لا يشمته ولا يرد السلام إلا إشارة . ( قال  المزني      ) ، رحمه الله : قلت أنا : الجديد أولى به لأن الرد فرض والصمت سنة والفرض أولى من السنة وهو يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم كلم قتلة  ابن أبي الحقيق   في الخطبة وكلم  سليكا الغطفاني   وهو يقول : يتكلم الرجل فيما يعنيه . ويقول : لو كانت الخطبة صلاة ما تكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( قال  المزني      ) : وفي هذا دليل على ما وصفت ، وبالله التوفيق " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح . قد ذكرنا  حكم الإنصات في حال الخطبة   وأنه على قولين :  
أحدهما : وهو قوله في القديم واجب .  
والثاني : وهو قوله في الجديد أنه استحباب وليس بواجب واختاره  المزني   ، وهو الصحيح ، وحكم الإمام والمأموم في وجوب الإنصات أو استحبابه سواء . نص عليه  الشافعي      .  
فإذا تقررت هذه الجملة فالكلام كله على ثلاثة أضرب :  
أحدها : ما يلزمه في غيره .  
والثاني : ما يعنيه في نفسه .  
والثالث : ما لا يلزمه في غيره ولا يعنيه في نفسه .  
فأما ما يلزمه في غيره : كإنذار ضرير قد كاد أن يتردى في بئر أو الإنذار من سبع أو حريق .  
وأما ما يعنيه في نفسه : كالرجل الذي قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال هلكت المواشي ، وانقطعت السبل ، فادع الله سبحانه لنا .  
فهذان الضربان غير محرمين في حال الخطبة لا يختلف .  
فأما ما لا يلزمه في غيره ولا يعنيه في نفسه : كالمحادثة والاستخبار فهذا الضرب من الكلام وما جرى مجراه هو المقصود بالنهي وهو قول  الشافعي      .  
فأما رد السلام وتشميت العاطس ففيه ثلاثة أقاويل :  
أحدها : أن الرد والتشميت غير محرم وهو قوله في الجديد .  
 [ ص: 446 ] والثاني : أن الرد والتشميت حرام وهو قوله في القديم لكن يرد عليه إشارة بيده .  
فإن قيل : الكلام كان محرما ورد السلام واجب ، قيل : لأن الإنصات واجب على الأعيان ، والرد فرض على الكفاية ، وفروض الأعيان أوكد من فروض الكفاية .  
والثالث : أن رد السلام محرم وتشميت العاطس غير محرم ؛ لأن السلام وضعه في غير موضعه باختياره فلم يستحق الرد عليه ، والعاطس عطس بغير اختياره فلم يكن منسوبا إلى وضعه في غير موضعه فاستحق التشميت .  
				
						
						
