الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وأحب للمصلي أن يأخذ سلاحه في الصلاة ما لم يكن نجسا أو يمنعه من الصلاة أو يؤذي به أحدا ، ولا يأخذ الرمح إلا أن يكون في حاشية الناس " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ليس يختلف مذهبه في استحباب أخذه والأمر به ، وإنما قوله في إيجابه فقال في القديم : أخذه في الصلاة واجب ، وقال في الجديد : أخذه في الصلاة استحباب .

                                                                                                                                            وذكر أكثر أصحابنا أن المسألة على قولين :

                                                                                                                                            [ ص: 468 ] أحدهما : أن أخذه واجب لقوله تعالى : وليأخذوا أسلحتهم [ النساء : 102 ] . فكان الأمر بأخذه دالا على وجوبه ثم أعاد الأمر تأكيدا وحذر من العدو به فقال تعالى : وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم [ النساء : 102 ] . ثم رفع الجناح عن تاركه فقال تعالى : ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم [ النساء : 102 ] . فدل على أن الجناح لاحق بتاركه من غير عذر .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن أخذه استحباب لأن الله تعالى أمر بأخذه لعذر فقدم حظره لأنه عمل في الصلاة والأمر بعد الحظر يقتضي الإباحة كقوله تعالى : وإذا حللتم فاصطادوا [ المائدة : 2 ] . ولأن الطائفة المصلية مع الإمام محروسة بغيرها والقتال غير متعين عليها وحمل السلاح يراد إما لحراسة أو قتال ، وإذا لم يجب ذلك عليهم لم يجب حمل السلاح عليهم ؛ ولأنه لو كان واجبا في الصلاة لوجب أن يكون تركه قادحا في الصلاة وفي إجماعهم على صحة الصلاة بتركه دليل على أنه غير واجب .

                                                                                                                                            ومن أصحابنا من قال : ليست المسألة على قولين : وإنما هي على اختلاف حالين . والموضع الذي أوجبت فيه حمل السلاح هو ما يدفع به عن نفسه كالسكين والخنجر ، والموضع الذي استحب فيه حمل السلاح : هو الموضع الذي يدفع به عن غيره كالقوس والنشاب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية