ص ( وجزاف حب مع مكيل منه أو أرض وجزاف أرض مع مكيله لا مع حب )
ش : جزاف مجرور بالعطف على غير مرئي ، وأرض معطوفة على الضمير في قوله منه فهو من العطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار ، والمعنى أنه لا يجوز ، ولا يجوز بيع جزاف من الحب مع مكيل منه كأن يبيعه هذه الصبرة من القمح مع عشرة أمداد من قمح آخر كأن يبيعه هذه الصبرة مع عشرة أذرع من الأرض ، وكذلك يمنع بيع جزاف من الحب مع مكيل من الأرض ، وأما جزاف الأرض مع الحب المكيل فيجوز ، وأصل هذه المسألة في كتاب [ ص: 291 ] الغرر من المقدمات ، وفي رسم شك من سماع بيع جزاف من الأرض مع الأرض المكيلة ابن القاسم ، وفي رسم البيع ، والصرف من سماع من جامع البيوع قال في المقدمات : لما تكلم على الغرر المانع من صحة العقد ، ومن هذا المعنى بيع المكيل ، والجزاف في صفقة واحدة ، والقول فيما يجوز منه يتحصل بأن تعلم أن من الأشياء ما لا أصل فيه أن يباع كيلا ، ويجوز بيعه جزافا كالحبوب ومنها ما الأصل فيه أن يباع جزافا ، ويجوز بيعه كيلا كالأرضين ، والثياب ومنها عروض لا يجوز بيعها كيلا ولا وزنا كالعبيد ، والحيوان فالجزاف مما أصله أن يباع كيلا كالحبوب لا يجوز بيعه مع المكيل منه ، ولا مع المكيل مما أصله أن يباع جزافا كالأرضين ، والثياب باتفاق انتهى . أصبغ
واعلم أن في بيع الشيئين معا ثلاثة أقسام ; لأنهما إما أن يكونا جزافين أو مكيلين أو أحدهما مكيلا والآخر جزافا ، والقسمان الأولان يأتي الكلام عليهما والقسم الثالث فيه أربع صور ; لأنه إما أن يكونا أصلهما معا الكيل أو أصلهما معا الجزاف أو أصل ما يباع جزافا الكيل وأصل ما يباع بالكيل الجزاف أو بالعكس ، فالثلاثة الأول ممنوعة والرابعة جائزة فأشار المصنف إلى الصورة الأولى والصورة الثالثة بقوله ، وجزاف حب مع مكيل منه أو أرض ، وأشار إلى الصورة الثالثة الممنوعة والرابعة الجائزة بقوله ، وجزاف أرض مع مكيله لا مع حب يعني أنه لا يجوز . بيع جزاف الأرض مع أرض مكيلة
وقوله لا مع حب أي لا جزاف أرض مع حب مكيل فإنه يجوز وفاقا لابن زرب وابن محرز خلافا لابن العطار قال في المقدمات ، والجزاف مما أصله أن يباع جزافا كالأرضين لا يجوز بيعه مع المكيل منه باتفاق واختلف في بيعه مع المكيل مما أصله أن يباع كيلا على قولين الجواز لابن زرب ، وأقامه من سلم المدونة ، وعدمه لابن العطار ، وقال ابن عرفة : ولابن محرز مثل ما لابن زرب قال ابن رشد في رسم شك من سماع ابن القاسم : وما ذهب إليه ابن زرب هو الصحيح .
( تنبيه ) : قوله مع مكيل منه أي من الحب سواء كان من جنس المكيل أو من غير جنسه قاله في الرسمين المتقدمين ، وقوله مكيلة في بعض النسخ بالتاء المنونة ، وفي بعضها مكيلها بالتأنيث ، ولا إشكال عليهما ، وفي بعض النسخ مع مكيله بالضمير المذكر ، وكأنه ذكره ، وإن كان عائدا للأرض ; لأنها كناية عن الجنس المذكر والله أعلم .