مسألة : قال الشافعي ، رحمه الله تعالى : " وأحب أن يرفع صوته حتى يسمع وأن يكون كلامه مترسلا مبينا معربا بغير ما يشبه العي وغير التمطيط وتقطيع الكلام ومده ولا ما يستنكر منه ولا العجلة فيه على الأفهام ولا ترك الإفصاح بالقصد وليكن كلامه قصيرا بليغا جامعا " .
قال الماوردي : وهذا كما قال . المقصود بالخطبة شيئان : الموعظة ، والإبلاغ ، فينبغي ليحصل الإبلاغ ، ويقصد بموعظته ثلاثة أشياء : إيراد المعنى الصحيح ، واختيار اللفظ الفصيح واجتناب ما يقدح في فهم السامع ، من تمطيط الكلام ومده ، أو العجلة فيه عن إبانة لفظه ، أو ركب ما يستنكر من غريب الكلام وإعرابه . ولا يطيل إطالة تضجر ، ولا يقصر تقصيرا يبتر ، ويعتمد في كل زمان على ذكر ما يليق بالحال بعد أن يحمد الله تعالى ، ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم في خطبته ، فقد روى للإمام أن يرجع صوته بالخطبة الشافعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : محمدا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى حتى يفيء إلى أمر الله وقال في خطبة أخرى عنه صلى الله عليه وسلم : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونستهديه ، ونستنصره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ، وأشهد أن ألا إن الدنيا عرض حاضر ، يأكل منه البر والفاجر ، أي وإن الآخرة أجل صادق ، يقتضي فيها ملك قادر ، أي وإن الخير كله بحذافيره في الجنة ، ألا وإن الشر كله بحذافيره في النار أي فاعملوا وأنتم من الله ، عز وجل ، على حذر ، اعلموا أنكم معروضون على أعمالكم ، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .