مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ثم يخطب الخطبة الأولى ثم يجلس ثم يقوم فيخطب يقصر الخطبة الآخرة مستقبل الناس في الخطبتين ويكثر فيهما الاستغفار ويقول كثيرا استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ثم يحول وجهه إلى القبلة ويحول رداءه فيجعل طرفه الأسفل الذي على شقه الأيسر على عاتقه الأيمن وطرفه الأسفل الذي على شقه الأيمن على عاتقه الأيسر وإن حوله ولم ينكسه أجزأه وإن كان عليه ساج جعل ما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن وما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر [ ص: 519 ] ويفعل الناس مثل ذلك ، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . أنه كانت عليه خميصة سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه قلبها ( قال ) : ويدعو سرا ويدعو الناس معه "
قال الماوردي : وهذا كما قال . مسنونة بعد الصلاة ، وقال خطبة الاستسقاء ابن الزبير قبل الصلاة ، والحجة عليه رواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى للاستسقاء مثل صلاة العيد ، فإذا فرغ من الصلاة وصعد المنبر لأجل الخطبة سلم قائما ثم جلس للاستراحة ، ومن أصحابنا من قال : لا يجلس على معنى قولهم في خطبة العيد يبتدئ الخطبة الأولى بالاستغفار ، ويقول أستغفر الله تسعا نسقا ، بدلا من التكبير في خطبة العيد ، ثم يحمد الله ويثني عليه ، ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ويقول : استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا [ نوح : 10 ، 11 ، 12 ] . ويبالغ في الزجر والوعظ ، والتخويف ، وذكر نعم الله عز وجل : وسالف أياديه ، والاعتبار بالأمم السالفة ، والقرون الخالية ، ثم يجلس ، ثم يقوم فيخطب الخطبة الثانية ، ويستغفر في ابتدائها سبعا نسقا ، ويدعو جهرا ، ثم يستدبر الناس ويستقبل " القبلة ، ويدعو الله ، عز وجل ، سرا ، ويجهر في استقبال الناس ؛ لأنه خاطب ، ويسر في استدبارهم لأنه داع ، وقد قال الله تعالى في قصة نوح على نبينا وعليه السلام : ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا [ نوح : 9 ] فكان الجمع بين الجهر والإسرار أولى .