الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وللعبد نكاح الأمة ، وهل له أن ينكحها على حرة ؛ على روايتين ، وإن جمع بينهما في العقد جاز ، ويتخرج أن لا يجوز ، وليس له نكاح سيدته ، ولا للحر أن يتزوج أمته ولا أمة ابنه ، ويجوز للعبد أن يتزوج أمة ابنه ، وإن اشترى الحر زوجته ، انفسخ نكاحها ، وإن اشتراها ابنه ، فعلى وجهين ، ومن جمع بين محرمة ومحللة في عقد واحد ، فهل يصح فيمن تحل له ؛ على روايتين ، ومن حرم نكاحها ، حرم وطؤها بملك اليمين ، إلا إماء أهل الكتاب .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وللعبد نكاح الأمة ) وإن فقد الشرطين ; لأنه مساو لها ، فلم يعتبر كالحر مع الحرة ، ومدبر كذلك ، وكذا مكاتب ومعتق بعضه ، مع أن العلم يقتضي المنع فيهما أو في المعتق بعضه ( وهل له أن ينكحها على حرة ؛ على روايتين ) المذهب - وجزم به في " الوجيز " : له ذلك للمساواة ، وكالحر مع الحرة ، والثانية : لا ; لأنه مالك لبضع حرة ، فلم يجز كالحر ( وإن جمع بينهما ) أي : بين الحرة والأمة ( في العقد ، جاز ) ; لأن كل واحدة منهما يجوز إفرادها بالعقد ، فجاز الجمع بينهما كالأمتين ( ويتخرج أن لا يجوز ) هذا رواية ; لأنه جمع ، أشبه ما لو تزوج الأمة على الحرة ، ونقل ابن منصور : يصح في الحرة فقط ، وقدمه في " المحرر " وفي " الموجز " : في عبد ، رواية عكسها ، وكذا في " التبصرة " ; لفقد الكفاءة ، وأنه لو لم يعتبر ، صح فيهما وهو رواية في المذهب .

                                                                                                                          فرع : وكتابي وفي " الوسيلة " : ومجوسي ، وفي " المجموع " : وكل كافر كمسلم في نكاح أمة ، قال في " الترغيب " وغيره : فإن اعتبر فيه الإسلام ، اعتبر في الكتابي كونها كتابية .

                                                                                                                          ( وليس له نكاح سيدته ) بالإجماع ; لأن أحكام الملك والنكاح متناقضان ( ولا للحر أن يتزوج أمته ) ; لأن ملك الرقبة تفيد إباحة البضع ، فلا يجتمع مع عقد أضعف منه ( ولا أمة ابنه ) دون أمة والده في الأصح فيهما ; لأن له فيه شبهة ملك ; لقوله عليه السلام : أنت ومالك لأبيك وفيه وجه . وعلم منه أنه لا يجوز [ ص: 77 ] أن يتزوج أمة له فيها ملك ولا مكاتبته ( ويجوز للعبد أن يتزوج أمة ابنه ) ; لأن الرق قطع ولايته عن ابنه وماله ، فهو أجنبي منه ، ويصح نكاح أمة من بيت المال مع أن فيه شبهة تسقط الحد ، لكن لا يجعل الأمة أم ولد ، ذكره في " الفنون " .

                                                                                                                          فرع : لا يجوز للعبد نكاح أم سيده ولا سيدته - خلافا لأهل العراق .

                                                                                                                          ( وإن اشترى الحر ) وعبر في " الفروع " بملك ، وهو أولى ( زوجته ، انفسخ نكاحها ) لا نعلم فيه خلافا ; لمنافاة الحكمين ; ولأن النكاح يوجب للمرأة حقوقا تمنعها من القسم ، فانفسخ بالملك ; لأنه اجتمع معه ما لا يوافقه ، وكذا إن ملك جزءا منها أو ملكته هي أو جزءا منه ، وفي الأصح أو مكاتبته ، وفي " الشرح " إذا ملكت بعض زوجها ، وانفسخ النكاح ، فليس ذلك طلاقا ، وقال جماعة : هي تطليقة ، ولا يصح ( وإن اشتراها ابنه ، فعلى وجهين ) أصحهما : ينفسخ النكاح ; لأن ملك الابن كملكه في إسقاط الحد وحرمة الاستيلاد ، فكذا هذا . والثاني : لا ; لأنه لا يملكها بملك الابن ، فلم ينفسخ نكاحها ، كما لو ملكها أجنبي ، فلو بعثت إليه زوجته : حرمت عليك ونكحت غيرك وعليك نفقتي ونفقة زوجي ، فقد ملكت زوجها ، وتزوجت ابن عمها ، فلو قبل ملكت زوجها ، وتزوجت معتقها ، فإذا لم يكن لها مال ، وكان للعبد كسب أنفق عليها منه ; لأن المرأة إذا كان لها معتق وليس له نفقة ، فنفقته على معتقته ; لأنها عصبته .

                                                                                                                          فرع : إذا اشتبهت أخته بتسع نسوة ، فأقل ، حرمن عليه قبل البيان ، وكذا [ ص: 78 ] إن كان بعشرة ، وقيل يتحرى ، فإن كانت بنساء قبيلة ، فله نكاح إحداهن ، وفي وجوب التحري وجهان ، وفي " الشرح " أن حنبلا نقل عنه في رجل له ثلاث بنات زوج إحداهن برجل ، ثم مات الأب ولم يعلم أيتهن زوجها - أقرع بينهن ، فمن أصابتها القرعة فهي زوجته ، وإن مات الزوج ، فهي التي ترثه انتهى . وإن اشتبهت مطلقته - دون الثلاث - بزوجته ، أو أمته بمعتقته ، تحرى في الأصح .

                                                                                                                          ( ومن جمع بين محرمة ومحللة في عقد واحد ، فهل يصح فيمن تحل له ؛ على روايتين ) كذا في " الفروع " إحداهما : يفسد فيهما ، اختاره أبو بكر ، كما لو جمع بين أختين ، والثانية : تصح فيمن تحل له ، ونص عليه فيمن تزوج حرة وأمة ، وهي ظاهر المذهب ; لأنها محل قابل للنكاح ، أضيف إليها عقد صادر من أهله ، لم يجتمع معها فيه مثلها ، فصح كما لو انفردت به ، فعلى هذا يكون لها من المسمى بقسط مهر مثلها ، وقيل : لها نصف المسمى ( ومن حرم نكاحها بملك اليمين ) في قول أكثرهم ; لأن النكاح إذا حرم لكونه طريقا إلى الوطء ، فلأن يحرم الوطء بنفسه بطريق الأولى ، وجوزه الشيخ تقي الدين كأمة كتابية ( إلا إماء أهل الكتاب ) في قول عامتهم ; لقوله تعالى أو ما ملكت أيمانكم [ النساء : 3 ] ، وإنما حرم نكاحها ; لما فيه من إرقاق الولد وإبقائه مع كافرة ، وهو معدوم في التسري ، وكرهه الحسن .




                                                                                                                          الخدمات العلمية