الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن قال لامرأته وأجنبية : إحداكما طالق ، أو سلمى طالق ، واسم امرأته سلمى - طلقت امرأته ، فإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته ، وإن ادعى ذلك ، دين ، وهل يقبل في الحكم ؛ يخرج على روايتين ، وإن نادى امرأته ، فأجابته امرأة له أخرى ، فقال : أنت طالق - يظنها المناداة - طلقتا في إحدى الروايتين ، والأخرى : تطلق التي ناداها ، وإن قال : علمت أنها غيرها ، وأردت طلاق المناداة ، طلقتا معا ، وإن قال : أردت طلاق الثانية - طلقت وحدها . وإن لقي أجنبية ظنها امرأته ، فقال : فلانة ، أنت طالق ، طلقت امرأته .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن قال لامرأته وأجنبية : إحداكما طالق ، أو سلمى طالق ، واسم امرأته سلمى - طلقت امرأته ) ؛ لأن الأصل اعتبار كلام المكلف دون إلغائه ، فإن أضافه إلى إحدى امرأتين ، وإحداهما زوجته ، أو إلى اسم وزوجته مسماة بذلك ، وجب صرفه إلى امرأته ؛ لأنه لو لم يصرف إليها لوقع لغوا ( فإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته ) ؛ لأنه لم يصرح بطلاقها ، ولا لفظ بما يقتضيه ، ولا نواه ، فوجب بقاء نكاحها على ما كان عليه ( وإن ادعى ذلك ، دين ) ؛ لأنه يحتمل ما قاله [ ص: 388 ] ( وهل يقبل في الحكم ؛ يخرج على روايتين ) أشهرهما : أنه لا يقبل ، ونصره في " الشرح " ؛ لأن غير زوجته ليست محلا لطلاقه ، والثانية : بلى ، وقاله أبو ثور ؛ لما قلنا ، وعلى الأولى إذا كان ثم قرينة دالة على إرادة الأجنبية ، مثل أن يدفع بيمينه ظلما ، أو يتخلص بها من مكروه ، فإنه يقبل في الحكم ، ونقل أبو داود فيمن له امرأتان اسمهما واحد ، ماتت إحداهما ، فقال : فلانة طالق - ينوي الميتة - فقال : الميتة تطلق ! . كأن أحمد أراد لا يصدق حكما ، وفي " الانتصار " خلاف في قوله لها ولرجل : إحداكما طالق ، فإن لم ينو زوجته ولا الأجنبية ، طلقت زوجته ؛ لأنها محل للطلاق .

                                                                                                                          ( وإن نادى امرأته ، فأجابته امرأة له أخرى ، فقال : أنت طالق - يظنها المناداة - طلقتا في إحدى الروايتين ) اختارها ابن حامد ؛ لأنها خاطبها بالطلاق ، فطلقت كما لو قصدها ( والأخرى : تطلق التي ناداها ) فقط ، قدمها في " المحرر " ، و " الفروع " ؛ لأنه قد تعلق بخطابه المناداة ، وليست الأخرى مناداة ؛ ولأنه لم يقصدها بالطلاق فلم تطلق ، كما لو أراد أن يقول : طاهر ، فسبق لسانه فقال : أنت طالق ، قال أبو بكر : لا يختلف كلام أحمد أنها لا تطلق .

                                                                                                                          ( وإن قال : علمت أنها غيرها ، وأردت طلاق المناداة ، طلقتا معا ) في قولهم جميعا ؛ لأن المناداة توجه إليها لفظ الطلاق ونيته ، والمجيبة توجه إليها بخطابها بالطلاق ( وإن قال : أردت طلاق الثانية - طلقت وحدها ) ؛ لأنه خاطبها بالطلاق ، ونواها به ، ولا تطلق غيرها ؛ لأن لفظه غير موجه إليها ، ولا هي منوية .

                                                                                                                          [ ص: 389 ]

                                                                                                                          ( وإن لقي أجنبية ظنها امرأته ، فقال : فلانة ، أنت طالق ) هذا قول في المذهب : أنها تطلق إذا سمى زوجته ، والمذهب : أنه يقع لقوله : ( طلقت امرأته ) نص عليه ؛ لأنه قصد زوجته بصريح الطلاق ، كما لو قال : علمت أنها أجنبية ، وأردت طلاق زوجتي ، ويحتمل أنها لا تطلق ؛ لأنه لم يخاطبها بالطلاق ، وكما لو علم أنها أجنبية ، فإن لقي امرأته ظنها أجنبية فقال : أنت طالق ، فهل تطلق ؛ فيه روايتان هما أصل المسائل . قال ابن عقيل ، وغيره ، وجزم به في " الوجيز " على أنه لا يقع ، وكذا العتق . قال أحمد فيمن قال : يا غلام أنت حر - : يعتق عبده الذي نوى ، وفي " المنتخب " : أو نسي أن له عبدا أو زوجة فبان له .

                                                                                                                          فرع : إذا لقي امرأته - يظنها أجنبية - فقال : أنت طالق ، أو قال : تنحي يا مطلقة ، أو قال لأمته - يظنها أجنبية - : تنحي يا حرة ، فقال أبو بكر : لا يلزمه عتق ولا طلاق ، ونصره في " الشرح " ؛ لأنه لم يردهما بذلك ، فلم يقع بهما شيء كسبق اللسان ، ويخرج على قول ابن حامد أنهما يقعان ، ويحتمل ألا يقع العتق فقط ؛ لأن عادة الناس مخاطبة من لا يعرفها بقوله : يا حرة ، بخلاف المرأة ، فإنها تطلق .

                                                                                                                          تذنيب : إذا أوقع كلمة وجهلها ، هل هي طلاق أو ظهار ؛ فقيل : يقرع بينهما ؛ لأنها تخرج المطلقة بها ، فكذا أحد اللفظين ، وقيل : لغو ، قدمه في " الفنون " كمني في ثوب لا يدري من أيهما هو . قال في " الفروع " : ويتوجه مثله من حلف يمينا ، ثم جهلها ، يريد أنه لغو ، في قول أحمد في رجل قال له : حلفت بيمين لا أدري أي شيء هي ، قال : ليت أنك إذا دريت دريت أنا ، وذكر ابن عقيل رواية : تلزمه كفارة يمين .




                                                                                                                          الخدمات العلمية