الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 284 ] وإن قال : أنت علي كالميتة والدم ، وقع ما نواه من الطلاق والظهار ، واليمين ، وإن لم ينو شيئا ، فهل يكون ظهارا أو يمينا ؛ على وجهين ، وإن قال : حلفت بالطلاق ، وكذب ، لزمه إقراره في الحكم ، ولا يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن قال : أنت علي كالميتة والدم ) والخمر ( وقع ما نواه ) على المذهب ( من الطلاق ) ؛ لأنه إذا نواه فهو طلاق ؛ لأنه يصلح أن يكون كناية فيه ، ويقع ما نواه من العدد ( والظهار ) إذا نواه وهو يقصد تحريمها عليه مع بقاء نكاحها ؛ لأنه يشبهه ، ويحتمل أن لا يكون ظهارا ، وجزم به في " عيون المسائل " كما لو قال : أنت علي كظهر البهيمة .

                                                                                                                          ( واليمين ) وهو يريد بذلك ترك وطئها - لا تحريمها ولا طلاقها - فهو يمين ؛ ولأن فائدة كونه يمينا ترتب الحنث والبر ، ثم ترتب الكفارة وعدمها ، وفي ذلك نظر من حيث إن قوله : كالميتة ليس بصريح في اليمين ؛ لأنه لو كان صريحا لما انصرف إلى غيرها بالنية ، وإذا لم يكن صريحا لم تلزمه الكفارة ؛ لأن اليمين بالكناية لا تنعقد ؛ لأن الكفارة إنما تجب لهتك القسم ( وإن لم ينو شيئا ، فهل يكون ظهارا أو يمينا ؛ على وجهين ) هما روايتان أصحهما : أنه ظهار ؛ لأن معناه : أنت حرام علي كالميتة والدم ، فإن تشبيهها بهما يقتضي التشبيه بهما في الأمر الذي اشتهر أنه هو التحريم ؛ لقوله تعالى : حرمت عليكم الميتة والدم [ المائدة : 3 ] .

                                                                                                                          والثاني : أنه يمين ؛ لأن الأصل براءة الذمة ، فإذا أتى بلفظ محتمل ، ثبت فيه أقل الحكمين ؛ لأنه اليقين ، وما زاد مشكوك فيه ( وإن قال : حلفت بالطلاق ) أو قال : علي يمين بالطلاق ( وكذب ، لزمه إقراره في الحكم ) على الأصح ؛ لأنه خلاف ما أقر به ؛ ولأنه إذا أقر ثم قال : كذبت - كان جحودا بعد الإقرار ، فلا يقبل كما لو أقر بدين ثم أنكر .

                                                                                                                          والثانية : لا يلزمه شيء ؛ لأنه لم يحلف ، واليمين إنما تكون بالحلف ( ولا يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى ) على الأصح ؛ لأنه يحتمل ما قاله ؛ [ ص: 285 ] لأن الذي قصد الكذب لا نية له في الطلاق ، فلا يقع به شيء ؛ لأنه ليس بصريح في الطلاق ، فلم يقع به كسائر الكنايات ، وحكى في " زاد المسافر " عن الميموني أن أحمد قال : إذا قال : حلفت بالطلاق ، ولم يكن حلف - يلزمه الطلاق ، ويرجع إلى نيته في الثلاث والواحدة ، وقال القاضي : مقتضى قول أحمد : يلزمه الطلاق - أي : في الحكم ، ويجعل أنه طلاق إذا نواه .

                                                                                                                          فرع : يقبل قوله في قدر ما حلف به ، وفي الشرط الذي علق اليمين به ؛ لأنه أعلم بحاله ، ويمكن حمل كلامأحمد على هذا ، فيلزمه في ظاهر الحكم لا فيما بينه وبين الله تعالى .




                                                                                                                          الخدمات العلمية