الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ونفقة الأمة المنكوحة ) ولو مدبرة أو أم ولد ، أما المكاتبة فكالحرة ( إنما تجب ) على الزوج ولو عبدا ( بالتبوئة ) بأن يدفعها إليه - [ ص: 599 ] ولا يستخدمها ( فلو استخدمها المولى ) أو أهله ( بعدها أو بوأها بعد الطلاق لأجل انقضاء العدة لا قبله ) أي ولم يكن بوأها قبل الطلاق ( سقطت ) بخلاف حرة نشزت فطلقت فعادت . وفي البحر بحثا : فرضها قبل التبوئة باطل ونفقات الزوجات المختلفة مختلفة بحالهما .

التالي السابق


( قوله المنكوحة ) أي التي زوجها سيدها لرجل ، أما غير المنكوحة فنفقتها على سيدها مطلقا ( قوله أما المكاتبة فكالحرة ) لملكها منافعها ، فلم يبق للمولى عليها ولاية الاستخدام ، فلها النفقة بمجرد التمكين من نفسها وإن لم تنتقل ، وتسقط بالنشوز كالحرة ط ( قوله ولو عبدا ) أي لغير سيد الأمة : إذ لو كان عبده فنفقتها على السيد بوأها أو لا ط عن الزيلعي ( قوله بأن يدفعها إليه إلخ ) أي بأن يخلي المولى بين الأمة وزوجها في منزل الزوج ولا يستخدمها ، كذا في كافي الحاكم الشهيد بحر ; لأن الاحتباس لا يتحقق إلا بالتبوئة ; لأن المعتبر في استحقاق النفقة تفريغها لمصالح الزوج وذلك يحصل بالتبوئة ، وإن استخدمها بعد التبوئة سقطت نفقتها لزوال الموجب زيلعي . أي لزوال الاحتباس الموجب للنفقة ، ومقتضاه أنه استخدمها في غير بيت الزوج ، ويدل عليه قوله في الهداية إذا بوأها معه أي مع الزوج منزلا فعليه النفقة ; لأنه تحقق الاحتباس ولو استخدمها بعد التبوئة سقطت النفقة ; لأنه فات الاحتباس ، وفسر التبوئة بما مر ، فعلم أن النفقة لا تجب إلا بالتبوئة ; لأن بها يحصل الاحتباس الموجب ، فلو استخدمها وهي في بيت الزوج بخياطة أو غزل مثلا لم تسقط النفقة لبقاء الاحتباس في بيت الزوج . ولا ينافيه قولهم لو استخدمها سقطت النفقة فإن المراد استخدامها في غير بيت الزوج كما دل عليه كلام [ ص: 599 ] الزيلعي والهداية ، خلافا لما فهمه في البحر بناء على ما فهمه من أن قولهم ولا يستخدمها في تعريف التبوئة شرط آخر لها ، وليس كذلك بل هو عطف تفسير ، فمعناه التخلية بينها وبين الزوج ، ويدل عليه قوله في الذخيرة : ثم إذا استخدمها المولى بعد ذلك ولم يخل بينها وبين الزوج فلا نفقة لها لفوات موجب النفقة وهو التبوئة من جهة من له الحق ، فشابهت الحرة الناشزة ، فهذا كالصريح في أن الاستخدام بدون فوات التخلية لا يضر ، إذ لا تشبه الناشزة إلا بالخروج من بيت الزوج فافهم ( قوله فلو استخدمها المولى ) أي في غير بيت الزوج كما علمت فافهم ، وقيد بالاستخدام ; لأنها لو كانت تأتي إلى المولى في بعض الأوقات وتخدمه من غير أن يستخدمها لم تسقط نفقتها ; لأن النفقة حق المولى فلا تسقط بصنع غيره ذخيرة .

[ فرع ] لو سلمها للزوج ليلا واستخدمها نهارا فعلى الزوج نفقة الليل ، كما أفتى به والد صاحب التتمة كما في التتارخانية ( قوله أو أهله ) أي لو جاءت إلى بيته وليس هو فيه فاستخدمها أهل البيت ومنعوها من الرجوع إلى بيت الزوج فلا نفقة لها ; لأن استخدام أهل المولى إياها بمنزلة استخدامه ذخيرة ( قوله بعدها ) أي بعد التبوئة ( قوله لأجل انقضاء العدة ) الأولى لأجل الاعتداد ; لأن انقضاءها لا يتوقف على التبوئة وقد مر في فصل الحداد أنه يجوز للأمة المطلقة الخروج إلا إذا كانت مبوأة ( قوله أي ولم يكن بوأها قبل الطلاق ) كذا في البحر عن الولوالجية ; والمراد نفي التبوئة المستمرة إلى وقت الطلاق لا مطلقا ; لأنه لو بوأها ثم أخرجها قبل الطلاق لم يكن له إعادتها لتطالب بالنفقة كما نص عليه في كافي الحاكم ( قوله سقطت ) هذا ظاهر في مسألة الاستخدام بعد التبوئة أما لو لم يبوئها إلا بعد الطلاق لم تجب أصلا ; لأنها لم تستحق النفقة بهذا الطلاق فلا تستحق بعده . ثم اعلم أن للمولى أن يرجع ويبوئها ثانيا وثالثا وهكذا فتجب النفقة ، وكلما استردها سقطت كما في الفتح .

( قوله بخلاف حرة نشزت إلخ ) أي أن الحرة إذا نشزت فطلقها زوجها فلها النفقة والسكنى إذا عادت إلى بيت الزوج والفرق كما في الولوالجية أن نكاح الأمة لم يكن سببا لوجوب النفقة ; لأنها تجب بالاحتباس وهو التبوئة . والتبوئة لا تجب فيه ، ونكاح الحرة حال الطلاق سبب لوجوب النفقة إلا أنها فوتت بالنشوز فإذا عادت وجبت . ا هـ . ( قوله وفي البحر إلخ ) حيث قال عقب الفرق المذكور ، وظاهره أن تقدير النفقة من القاضي قبل التبوئة لا يصح ; لأنه قبل السبب ، ولم أره صريحا . ا هـ ( قوله ونفقات الزوجات إلخ ) في الذخيرة والولوالجية : وإذا كان للرجل نسوة بعضهن أحرار مسلمات وبعضهن إماء ذميات فهن في النفقة سواء ; لأنها مشروعة للكفاية وذلك لا يختلف باختلاف الدين والرق والحرية إلا أن الأمة لا تستحق نفقة الخادم . ا هـ . قال في البحر : وينبغي أن يكون هذا مفرعا على ظاهر الرواية من اعتبار حاله ، وأما على المفتى به فلسن في النفقة سواء لاختلاف حالهن يسارا وعسرا فليست نفقة الموسرة كنفقة المعسرة ، ولا نفقة الحرة كالأمة كما لا يخفى ، ولم أر من نبه عليه . ا هـ قال المقدسي : ولا معنى لهذا بعد قولهم ; لأن النفقة مشروعة للكفاية إلخ . ا هـ أي لأنه صريح في ذلك .




الخدمات العلمية