الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ولا يتقدر ) الصداق ( فكل ما صح ثمنا ) في بيع ( أو أجرة ) في إجارة ( صح مهرا ، وإن قل ) لحديث { التمس ، ولو خاتما من حديد } وحديث { لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا ملء يده طعاما كانت له حلالا } رواه أبو داود بمعناه ، وعن عامر بن ربيعة { أن امرأة من فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضيت من مالك ، ونفسك بنعلين قالت : نعم فأجازه } رواه أحمد ، وابن ماجه ، والترمذي ، وصححه . واشترط الخرقي أن يكون له نصف يتمول فلا يجوز على فلس ونحوه ، وتبعه عليه جمع ، وصاحب الإقناع فيصح النكاح على عين أو دين حال أو مؤجل ( ، ولو على منفعة زوج أو ) منفعة ( حر غيره ) أي : الزوج ( معلومة ) أي : المنفعة ( مدة معلومة كرعاية غنمها مدة معلومة ) ( أو ) على ( عمل معلوم منه ) أي : الزوج ( أو ) من ( غيره كخياطة ثوبها ، ورد قنها ) أي : الزوجة ( من محل معين ) ، ومنافع الحر ، والعبد سواء لقوله تعالى عن شعيب لموسى { إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } ; ولأن منفعة الحر يجوز العوض عنها في الإجارة فجازت صداقا كمنفعة العبد ، والقول بأنها ليست مالا ممنوع بأنه يجوز المعاوضة عنها وبها . ثم إن لم تكن المنفعة مالا فقد أجريت مجرى المال ، فإن كانت المنفعة مجهولة كرد عبدها أين كان أو خدمتها فيما شاءت لم يصح الإصداق كالثمن في البيع ، والأجرة في الإجارة .

                                                                          ( و ) كأن يصدقها ( تعليمها ) [ ص: 7 ] أي : المنكوحة ( معينا من فقه أو حديث ) إن كانت مسلمة فيعين الذي يتزوجها عليه هل هو كله أو باب منه أو مسائل من باب ، وفقه أي مذهب وأي كتاب منه ، وأن التعليم تفهيمه إياها أو تحفيظه ( أو شعر مباح أو أدب ) من نحو ، وصرف ، ومعان ، وبيان وبديع ونحوه ( أو ) يصدقها تعليمها ( صنعة كخياطة أو كتابة ، ولو لم يعرفه ) أي : العمل الذي أصدقه إياها ( ، ويتعلمه ثم يعلمها ) إياه ; لأن التعليم يكون في ذمته أشبه ما لو أصدقها مالا في ذمته لا يقدر عليه حال الإصداق ، ويجوز أن يقيم لها من يعلمها ( وإن تعلمته أي : ما أصدقها تعليمه من غيره ) أي : الزوج ( لزمه أجرة تعليمها ) وكذا إن تعذر عليه تعليمها أو أصدقها خياطة ثوب فتعذرت عليه كما لو تلف الثوب ونحوه ، وإن مرض أقيم مقامه من يخيطه ، وإن جاءته بغيرها ليعلمه ما أصدقها لم يلزمه ; لأن المستحق عليه العمل في عين لم يلزمه إيقاعه في غيرها ، كما لو استأجرته لخياطة ثوب معين فأتته بغيره ليخيطه لها ; ولأن المتعلمين يختلفون في التعليم اختلافا كثيرا ، وقد يكون له غرض في تعليمها فلا يلزمه تعليم غيرها . وإن أتاها بغيره ليعلمها لم يلزمها قبوله لاختلاف المعلمين في التعليم وقد يكون لها غرض في التعلم منه لكونه زوجها ( وعليه ) أي : من أصدق امرأة تعليم شيء ( بطلاقها قبل تعليم ، ودخول ) بها ( نصف الأجرة ) للتعليم ; لأنها صارت أجنبية منه فلا تؤمن في تعليمها الفتنة .

                                                                          ( و ) إن طلقها قبل تعليم ( بعد دخول ف ) عليه ( كلها ) أي : الأجرة لاستقرار ما أصدقها بالدخول ( وإن علمها ) ما أصدقها تعليمه ( ثم سقط ) الصداق لمجيء الفرقة من قبلها ( رجع ) الزوج على الزوجة ( بالأجرة ) لتعليمها لتعذر الرجوع بالتعليم .

                                                                          ( و ) يرجع ( مع تنصفه ) أي : الصداق لنحو طلاقه إياها بعد أن علمها ( بنصفها ) أي : أجرة التعليم ( ولو طلقها فوجدت حافظة لما أصدقها ) تعليمه ( ، وادعى تعليمها ) إياه ( فأنكرته حلفت ) ; لأنها منكرة ، والأصل عدمه ، وإن علمها ما أصدقها تعليمه ثم نسيته فليس عليه غير ذلك ; لأنه ، وفى لها به ، وإنما تلف الصداق بعد القبض ، وإن كانت كلما لقنها شيئا نسيته لم يعد تعليما عرفا

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية