( فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه ) ظاهره أنه ما جاز النهر إلا هو والمؤمنون ، وكذلك روي عن ، ابن عباس والسدي : أن الذين شربوا وخالفوا انحرفوا ، ولم يجاوزوا ، وقيل : بل كلهم جاوز لكن لم يحضر القتال إلا القليل .
( وجاوز ) فاعل فيه بمعنى فعل أي : جاز . والذين آمنوا معه : عدة أهل بدر وقال ابن عباس والسدي : جاز معه أربعة آلاف . قال : منهم من شرب ، قالا : فلما نظروا إلى ابن عباس جالوت وجنوده ، قالوا : لا طاقة لنا اليوم ، ورجع منهم ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون ، وأكثر المفسرين على أنه إنما جاوز النهر من لم يشرب إلا غرفة . ومن لم يشرب جملة . ثم اختلفت بصائر هؤلاء ، فبعض كع ، وقليل صمم ، و ( هو ) توكيد للضمير المستكن في ( جاوزه ) ( والذين ) يحتمل أن يكون معطوفا على الضمير المستكن ، ويحتمل أن تكون الواو للحال ويلزم من الحال أن يكونوا جاوزوا معه ، والأظهر أن يكون للعطف ، وإدغام ( جاوزه ) في هو ضعيف ، ولا يستحسن إلا إن كانت الهاء مختلسة لا إمالة لها .
( قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ) قائل ذلك الكفرة الذين انخزلوا ، وهو الفاعل في شربوا ، قاله ابن عباس والسدي . وقيل : من قلت بصيرته من المؤمنين ، وهم الذين جاوزوا النهر وهم القليل ، قاله الحسن وقتادة . ( طاقة ) : من الطوق ، وهو القوة ، وهو من : أطاق ، كأطاع طاعة ، وأجاب جابة ، وأغار غارة . ويتعلق ( لنا ) بمحذوف إذ هو في موضع الخبر ، ولا يجوز أن يتعلق بطاقة ؛ لأنه كان يكون طاقة مطولا ، فيلزم تنوينه ، و ( اليوم ) منصوب بما تعلق به لنا ، و ( بجالوت ) متعلق به . وأجاز بعضهم أن يكون ( بجالوت ) ، في موضع الخبر ، وليس المعنى على ذلك . ( والزجاج قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله ) يحتمل أن يكون الظن على بابه ، ومعنى ( ملاقو الله ) أي : يستشهدون في ذلك اليوم لعزمهم على صدق القتال ، وتصميمهم على لقاء أعدائهم ، كما جرى لعبد الله بن حزام في أحد وغيره ، قاله في آخرين ، وقيل : ملاقو ثواب الله بسبب الطاعة ؛ لأن كل أحد لا يعلم عاقبة أمره فلا بد من أن يكون ظانا ، وقيل : ملاقو طاعة الله ؛ لأنه لا يقطع أن عمله هذا إطاعة ؛ لأنه ربما شابه شيء من الرياء والسمعة ، وقيل : ملاقو وعد الله إياهم بالنصر ؛ لأنه وإن كان مقطوعا به فهو مظنون في المرة الأولى ، ويحتمل أن يكون الظن بمعنى الإيقان ; أي : يوقنون بالبعث والرجوع إلى الله ، قاله الزجاج في آخرين . السدي