الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      النوع ( الثالث ) من الشروط الفاسدة [ ص: 195 ] ( أن يشترط ) البائع ( شرطا يعلق البيع عليه كقوله : بعتك إن جئتني بكذا أو ) بعتك ( إن رضي فلان ) وكذا تعليق الشراء ، كقبلت إن جاء زيد ونحوه فلا يصح البيع ; لأن مقتضى البيع نقل الملك حال التبايع والشرط هنا يمنعه ( أو يقول ) الراهن ( للمرتهن : إن جئتك بحقك في محله ) بكسر الحاء أي أجله ( وإلا فالرهن لك مبيعا بمالك ) من الدين ( فلا يصح البيع ) لقوله صلى الله عليه وسلم { لا يغلق الرهن من صاحبه } رواه الأثرم وفسره أحمد بذلك ( إلا : بعتك ) إن شاء الله ( أو قبلت إن شاء الله فيصح ) كما تقدم .

                                                                                                                      ( وإلا بيع العربون وإجارته فيصح ) لما روى نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان فإن رضي عمر وإلا له كذا وكذا " ذكره في المبدع ( وهو ) أي بيع العربون وإجارته ( أن يشتري شيئا أو يستأجره ويعطي ) المشتري ( البائع أو المؤجر درهما أو أكثر ) من الدرهم ، ( أو أقل منه من المسمى ) صفة لدرهم .

                                                                                                                      ( ويقول ) له ( إن أخذته ) أي : أخذت المبيع أو المؤجر ، وسواء عين وقتا لأخذه أو أطلق صححه في الإنصاف ( فهو ) أي الدرهم ( من الثمن ) أو الأجرة ( وإلا ) أي وإن لم آخذه ( فالدرهم لك ) أيها البائع أو المؤجر ( فإن تم العقد فالدرهم من الثمن ) أو الأجرة ( وإلا ) بأن لم يتم العقد ( ف ) الدرهم ( لبائع ومؤجر ) كما شرطا ، لما تقدم .

                                                                                                                      ( وإن دفع ) من يريد الشراء أو الإجارة ( إليه ) أي إلى رب السلعة ( الدرهم ) أو نحوه ( قبل ) عقد ( البيع ) أو الإجارة ( وقال لا تبع هذه السلعة لغيري ) أو لا تؤجرها لغيري و ( إن لم أشترها ) أو أستأجرها ( فالدرهم ) أو نحوه ( لك ، ثم اشتراها ) أو استأجرها منه ( وحسب الدرهم من الثمن ) أو الأجرة ( صح ) ذلك .

                                                                                                                      ( وإن لم يشترها ) أو يستأجرها ( فلصاحب الدرهم الرجوع فيه ) ; لأن رب السلعة لو أخذه لأخذه بغير عوض ولا يجوز جعله عوضا عن إنظاره ; لأن الإنظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه ولو جازت لوجب أن يكون معلوم القدر كالإجارة ( ومن علق عتق رقبته ببيعه ) فقال له : إن بعتك فأنت حر ( ثم باعه عتق ) عقب القول لوجود الصفة ولم ينتقل الملك فيه لمشتر لما يأتي .

                                                                                                                      ( و ) إن قال لزوجته ( إن خلعتك فأنت طالق ففعل ) أي فخلعها ( لم تطلق ) ; لأن البائن لا يلحقها الطلاق ويأتي في الخلع ( وإن قال ) مالك عبد ( لزيد إن بعتك هذا العبد فهو حر فقال زيد ) له : ( إن اشتريته منك فهو حر ثم اشتراه ) أي العبد زيد منه [ ص: 196 ] أو من وكيله ( عتق ) العبد ( على البائع من ماله قبل القبول ) ذكره في المستوعب والمغني والتلخيص وغيرها وفيه نظر كما قال ابن رجب وقال القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب وفي رءوس المسائل وغيرهم : يعتق على البائع في حال انتقال الملك إلى المشتري ، حيث يترتب على الإيجاب والقبول انتقال الملك وثبوت العتق فيدافعان ، وينفذ العتق لقوته وسرايته ولتقدم سببه ، وهو التعليق ، كالوصية من حيث إنها وصية والانتقال إلى الورثة : يترتبان على الموت ، وتقدم هي لتقدم سببها كما أشار إليه الإمام أحمد في رواية الأثرم قال ابن قندس في حواشي المحرر وهذا هو الصواب وأطال .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية