الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4571 ) فصل : فإن اختلفا ، فقال كل واحد منهما : أنا التقطته . ولا بينة لأحدهما ، وكان في يد أحدهما ، فالقول قوله مع يمينه أنه التقطه . ذكر ذلك أبو الخطاب . وهذا قول الشافعي . وقال القاضي : قياس المذهب أنه لا يحلف ، كما في الطلاق والنكاح . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لو يعطى الناس بدعواهم ، لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ; ولكن اليمين على المدعى عليه } . رواه مسلم . فإن كان في أيديهما أقرع بينهما ، فمن قرع صاحبه ، حلف وسلم إليه . وعلى قول القاضي : لا تشرع اليمين ها هنا ، ويسلم إليه بمجرد وقوع القرعة له . وإن لم يكن في يد واحد منهما ، فقال القاضي ، وأبو الخطاب : يسلمه الحاكم إلى من يرى منهما أو من غيرهما ; لأنه حق لهما . والأولى أن يقرع بينهما ، كما لو كان في أيديهما ; لأنهما تنازعا حقا في يد غيرهما ، فأشبه ما لو تنازعا وديعة عند غيرهما . فإن وصفه أحدهما ، مثل أن يقول : في ظهره شامة ، أو بجسده علامة . وذكر شيئا في جسده مستورا ، فقال أبو الخطاب : يقدم بالصفة . وهو قول أبي حنيفة . وقال الشافعي : لا يقدم بالصفة ، كما لو وصف المدعي ، فإنه لا تقدم به دعواه . ولنا أن هذا نوع من اللقطة ، فقدم بوصفها ، كلقطة المال ، ولأن ذلك يدل على قوة يده ، فكان مقدما بها . وقياس اللقيط على اللقطة أولى من قياسه على غيرها ; لأن اللقيط لقطة أيضا . وإن كان لأحدهما بينة ، قدم بها . وإن كان لكل واحد منهما بينة ، قدم أسبقهما تاريخا ; لأن الثاني إنما أخذ ممن قد ثبت الحق فيه لغيره . وإن استوى تاريخهما ، أو أطلقتا معا ، أو أرخت إحداهما وأطلقت الأخرى ، فقد تعارضتا . وهل يسقطان أو يستعملان ؟ فيه وجهان ; أحدهما ، يسقطان ، فيصيران كمن لا بينة لهما . والثاني ، يستعملان ، ويقرع بينهما ، فمن قرع صاحبه كان أولى . وسنذكر ذلك في بابه ، إن شاء الله تعالى . وإن كان اللقيط في يد أحدهما ، فهل تقدم بينته على بينة الآخر ، أو تقدم بينة الخارج ؟ فيه وجهان ، مبنيان على الروايتين في دعوى المال . وإن كان أحد المتداعيين ممن لا تقر يده على اللقيط ، أقر في يد الآخر ، ولم يلتفت إلى دعوى من لا يقر في يده بحال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية