الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      والقول في كذلك سلكناه في قلوب المجرمين : حسب ما تقدم في (الحجر ) ; ومعنى التشبيه: كما ختمنا على قلوب هؤلاء أنهم لا يؤمنون;

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 70 ] كذلك سلكنا التكذيب في قلوب المجرمين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وما تنزلت به الشياطين يعني: بالقرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنهم عن السمع لمعزولون أي: إنهم عن استماع الوحي لممنوعون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأنذر عشيرتك الأقربين : قال عروة بن الزبير: لما نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وسلم ) ; قال: " يا صفية عمة رسول الله، ويا فاطمة بنت عبد المطلب، ويا بني عبد المطلب; إني لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم ".

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإن عصوك أي: فإن عصاك الأقربون; فقل إني بريء مما تعملون

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: الذي يراك حين تقوم أي: حين تقوم إلى الصلاة.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: معنى {تقوم} : أين ما كنت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وتقلبك في الساجدين : قال مجاهد، وقتادة: في المصلين.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: يرى تقلبه في الظهور حتى أخرجه نبيا.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة: يراك قائما، وراكعا، وساجدا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: تنزل على كل أفاك أثيم يعني: تنزل الشياطين التي تسترق السمع على الكهنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يلقون السمع أي: تلقي الشياطين ما سمعته إلى الكهنة، وقيل:

                                                                                                                                                                                                                                      المعنى: تلقي الكهنة ما تسمعه، وأكثرهم كاذبون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 71 ] وقوله: والشعراء يتبعهم الغاوون : قال ابن عباس: هم الكفار يتبعهم ضلال الإنس والجن، ثم استثنى المؤمنين، إلى قوله: وانتصروا من بعد ما ظلموا ; يعني: ردوا على الكفار الذين كانوا يهجون النبي (صلى الله عليه وسلم ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وعنه أيضا: أنها نزلت في اثنين تهاجيا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، أحدهما من الأنصار، فكان مع كل رجل منهما جماعة; وهم الغاوون; أي: السفهاء.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: {الغاوون} و {والشعراء} ههنا: المشركون; لأن الغاوي لا يتبع إلا غاويا مثله.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة: {الغاوون} : عصاة الجن، وروي نحوه عن مجاهد، وعنه أيضا:

                                                                                                                                                                                                                                      الذين يتبعونهم، ويروون شعرهم، وروي نحوه أيضا عن ابن عباس.

                                                                                                                                                                                                                                      الطبري: {والشعراء} : شعراء المشركين، يتبعهم غواة الناس، ومردة الشياطين، وعصاة الجن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد روى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: هو منسوخ بقوله: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 72 ] ، والصحيح: ما تقدم عنه أنه استثناء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ألم تر أنهم في كل واد يهيمون أي: في كل واد من قول الباطل.

                                                                                                                                                                                                                                      {يهيمون} أي: يمدحون ويذمون بما ليس في الممدوح والمذموم، فهم كالهائم على وجهه.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: (الهائم ) : المخالف للقصد.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنهم يقولون ما لا يفعلون أي: يكذبون.

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد بقوله: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيما روي عن ابن عباس: ابن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وذكروا الله كثيرا : قال ابن عباس: في حال كلامهم ومخاطبتهم الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن زيد: في شعرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله عز وجل; إنما هاجوا من كذب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية