الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : قوله : ( ولكن البر من آمن بالله ) فيه حذف ، وفي كيفيته وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : ولكن البر بر من آمن بالله ، فحذف المضاف وهو كثير في الكلام كقوله : ( وأشربوا في قلوبهم العجل ) [ البقرة : 93 ] أي حب العجل ، ويقولون : الجود حاتم ، والشعر زهير ، والشجاعة عنترة ، وهذا اختيار الفراء ، والزجاج ، وقطرب ، قال أبو علي : ومثل هذه الآية قوله : ( أجعلتم سقاية الحاج ) [ التوبة : 19 ] ثم قال ( كمن آمن ) [ التوبة : 19 ] وتقديره ، أجعلتم أهل سقاية الحاج كمن آمن ، أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن ليقع التمثيل بين مصدرين أو بين فاعلين ، إذ لا يقع التمثيل بين مصدر وفاعل .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قال أبو عبيدة : البر ههنا بمعنى الباء كقوله : ( والعاقبة للتقوى ) [ طه : 132 ] أي للمتقين ومنه قوله : ( إن أصبح ماؤكم غورا ) [ ص: 34 ] [ الملك : 30 ] أي غائرا ، وقالت الخنساء :


                                                                                                                                                                                                                                            فإنما هي إقبال وإدبار



                                                                                                                                                                                                                                            أي مقبلة ومدبرة معا .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : أن معناه : ولكن ذا البر فحذف كقولهم : ( هم درجات عند الله ) أي ذوو درجات عن الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : التقدير : ولكن البر يحصل بالإيمان وكذا وكذا عن المفصل .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن الوجه الأول أقرب إلى مقصود الكلام فيكون معناه : ولكن البر الذي هو كل البر الذي يؤدي إلى الثواب العظيم بر من آمن بالله . وعن المبرد : لو كنت ممن يقرأ القرآن بقراءته لقرأت " ولكن البر " بفتح الباء ، وقرأ نافع وابن عامر ( ولكن ) مخففة " البر " بالرفع ، والباقون " لكن " مشددة ( البر ) بالنصب .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية